للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

..............................................................................................

ــ

دخلت على صفية بنت شيبة وهي عجوزة كبيرة فسألتها أتزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ميمونة وهو محرم؟ قالت: لا والله لقد تزوجها وهما حلالان، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (ج ٤: ص ٢٦٨) وقال: رواه الطبراني في الكبير والأوسط، ورجال الكبير رجال الصحيح، وبهذا ظهر أن الروايات اختلفت في تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - بميمونة. قال ابن القيم بعد ما حكى اختلاف الروايات في نكاحه - صلى الله عليه وسلم -: فالأقوال ثلاثة أحدها أنه تزوجها بعد حله من العمرة، وهو قول ميمونة نفسها. وقول السفير بينها وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أبو رافع وقول جمهور أهل النقل، والثاني أنه تزوجها وهو محرم وهو قول ابن عباس وأهل الكوفة وجماعة، والثالث أنه تزوجها قبل أن يحرم – انتهى. هذا وقد تقدم أن حديث ابن عباس من مستدلات القائلين بجواز النكاح في الإحرام، وقد أجاب المانعون عنه بأجوبة: منها ما ذكره الترمذي عن بعضهم أنه تزوجها حلالاً وظهر أمر تزوجيها وهو محرم وبنى بها وهو حلال بسرف في طريق مكة. وحاصل هذا الجواب أن معنى قوله ((تزوجها وهو محرم)) أي ظهر أمر تزويجها وفشى واشتهر وهو محرم وإن كان عقد النكاح قبل الإحرام. وتعقب هذا الجواب أو الجمع بأنه قد ثبت بالروايات الصريحة أن نكاحه - صلى الله عليه وسلم - بميمونة كان بسرف فقد روى النسائي من طريق قتادة ويعلى بن حكيم عن عكرمة عن ابن عباس قال: تزوج رسول الله ميمونة بنت الحارث وهو محرم، وفي حديث يعلى ((بسرف)) وروى ابن سعد من طريق ميمون بن مهران سألت صفية بنت شيبة فقالت: تزوج رسول الله ميمونة بسرف وبنى بها في قبة لها، وماتت بسرف. وسرف قريب مكة خارج الحرم داخل الميقات. قال الطبري: وهو على عشرة أميال من مكة. وقال القاري: والصحيح أنه على ستة أميال، وروى الطحاوي من طريق محمد بن إسحاق عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة وهو حرام فأقام بمكة ثلاثًا فأتاه حويطب بن عبد العزى في نفر من قريش في اليوم الثالث فقالوا: إنه قد انقضى أجلك فاخرج عنا، فقال: وما عليكم لو تركتموني فعرست بين أظهركم فصنعنا لكم طعامًا فحضرتموه، فقالوا: لا حاجة لنا في طعامك فاخرج عنا، فخرج نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وخرج بميمونة حتى عرس بها بسرف. ونقل ابن القيم في الهدي عن مغازي موسي بن عقبة نحو ذلك، وهذا كله يدل على أن نكاحه - صلى الله عليه وسلم - ميمونة وقع بسرف ذاهبًا إلى مكة والبناء بها وقع فيها آئبًا من مكة. وأما ما رواه مالك عن ربيعة بن عبد الرحمن عن سليمان بن يسار أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث أبا رافع ورجلاً من الأنصار فزوجاه ميمونة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة قبل أن يخرج، وهو يدل على أن نكاحه بميمونة وقع بالمدينة قبل الخروج إلى عمرة القضاء فهو مأول بأن المراد بقوله ((زوجاه)) خطبا له فقط، مجازًا كما قال الزرقاني، لأنه صح عند أحمد والنسائي من حديث ابن عباس قال: لما خطبها النبي - صلى الله عليه وسلم - جعلت أمرها إلى العباس فأنكحها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقيل معنى ((زوجاه)) بلغاه رضا ميمونة بالخطبة أو بتزوجها بالمدينة، ثم إنه وقع التصريح في صحيح البخاري في غزوة الحديبية بإنشاء إحرامه - صلى الله عليه وسلم - من ذي الحليفة في عمرة الحديبية قبل القضاء التي وقع فيها نكاحه - صلى الله عليه وسلم - بميمونة، وهذا ظاهر في

<<  <  ج: ص:  >  >>