للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

.............................................................................................

ــ

أن توقيت المواقيت وقع قبل عمرة الحديبية خلافًا لما حكى الأثرم عن أحمد أنه وقع عام حجة الوداع وإذا ثبت أنه تزوج بسرف ذاهبًا إلى مكة للعمرة وأن توقيت المواقيت كان قبل عمرة الحديبية لزم أن يكون نكاحه في الإحرام وإلالزم تجاوز الميقات وهو ذو الحليفة بغير إحرام، فإن سرف داخل الميقات قريب من مكة كما سبق، وهذا يبطل التأويل المذكور على أنه يمكن أن يأول حديث ميمونة ويزيد بن الأصم بمثل التأويل الذي ذكره الترمذي في حديث ابن عباس، فيقال: إنه تزوجها بسرف وهو محرم، وظهر واشتهر أمر تزويجه وهو حلال حين بنى بها بسرف راجعًا من مكة إلى المدينة أو حين أراد الوليمة بمكة، وفيه أن إحرامه - صلى الله عليه وسلم - من ذي الحليفة في عمرة الحديبية لا يستلزم وقوع التوقيت قبل حجة الوداع، وقد روى البخاري في باب ذكر العلم والفتيا في المسجد عن ابن عمر أن رجلاً قام في المسجد فقال: يا رسول الله من أين تأمرنا أن نهل، فقال رسول الله: يهل أهل المدينة إلخ. قال الحافظ: المراد بالمسجد مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويستفاد منه أن السؤال عن مواقيت الحج كان قبل السفر من المدينة، وقال في الحج بعد ذكر ما حكاه الأثرم عن أحمد من توقيت المواقيت عام حجة الوداع: وقد سبق حديث ابن عمر في العلم بلفظ ((أن رجلاً قام في المسجد فقال: يا رسول الله من أين تأمرنا أن نهل؟ - انتهى. وهذا يدل على أن الحافظ وافق الإمام أحمد في ذلك ومنها أن معنى قول ابن عباس تزوجها وهو محرم أي في الشهر الحرام وهو حلال وقد تزوجها - صلى الله عليه وسلم - في الشهر الحرام وهو ذو القعدة عام سبع في عمرة القضاء كما ذكره البخاري في كتاب المغازي في باب عمرة القضاء، ولا خلاف بين أهل اللسان العربي في إطلاق الإحرام على الدخول في حرمة لا تهتك كالدخول في الشهر الحرام أو في الحرم أو غير ذلك. وقال ابن منظور في اللسان: وأحرم الرجل إذا دخل في حرمة لا تهتك، ومن إطلاق الإحرام على الدخول في الشهر الحرام قد أنشده في اللسان شاهدًا لذلك قول زهير:

جعلن القنان عن يمين وحزنه _ ... وكم بالقنان من محل ومحرم

ولو أصبحت ليلى تدب على العصا _ ... لكان هوى ليلى جديدًا أوائله

وقول الآخر:

وإذ فتك النعمان بالناس محرمًا _ ... فملئ من عوف بن كعب سلاسله

وقول الراعي:

قتلوا ابن عفان الخليفة محرمًا _ ... ودعا فلم أر مثله مخذولاً

فتفرقت من بعد ذاك عصاهم - ... شققًا وأصبح سيفهم مسلولاً -

ويروى فلم أر مثله مقتولاً، فقوله ((قتلوا ابن عفان محرمًا)) أي في الشهر الحرام وهو ذو الحجة. وقيل المعنى أنهم قتلوه في حرم المدينة لأن المحرم يطلق لغة على كل داخل في حرمة لا تهتك سواء كانت زمانية أو مكانية أو غير ذلك. وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>