للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحكمة هي العلم الصحيح، والعمل المتقن المبني على ذلك العلم.

وقال مالك بن أنس رضي الله عنه: «هي الفقه في دين الله والعمل به».

والقرآن حكمة لدلالته على ذلك كله.

(ذلك): إشارة إلى ما تضمنته الآيات المتقدمة من قوله تعالى: {لا تجعل مع الله إلهاً آخر} ومن في "مما" تبعيضية. ومن في "من الحكمة" بيانية، مجرورها بين المبهم، وهو ما في قوله "مما". والتقدير: ذلك الذي تقدم بعض الحكمة التي أوحاها إليك ربك.

[المعنى]

هذا ضرب آخر من تأكيد العمل بما تقدم، والترغيب فيه: فبين تعالى أن ما تضمنته الآيات المتقدمة كله حكمة، فالمتحقق بما فيها من علم، والمتحلي بما حثت عليه من أعمال، هو الحكيم الذي كمل من جهته العلمية وجهته العملية، وتلك أعلى رتب الكمال للإنسان.

وفي ذكر أنها بعض من كل، تنبيه على جلالة كلها، وهو عموم ما أوحى الله تعالى إلى نبيه- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

وتنبيه أيضاً على أن شرح هذه الأصول فيما أفادته من علم وعمل، والتفقه فيها يرجع فيه إلى الوحي، ويعتمد في ذلك على بيانه.

وفيه بيان أن الوحي هو المرجع الوحيد لبيان دين الله تعالى وشرعه، وما أنزله لعباده من الحكمة، وذلك الوحي هو القرآن العظيم، وسنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، الذي أرسل ليبين للناس ما نزل إليهم.

...

[ختام الآيات]

{وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا}.

لما كانت هذه الآيات في أصول الهداية، وأساس الهداية وشرطها هو التوحيد: ختمت الآيات بالنهي عن الشرك كما بدأت به.

(الإلقاء): هو الطرح.

و (الملوم): هو الذي يقال له لم فعلت القبيح؛ وما حملك عليه؛ ونحو هذا ...

و (المدحور): المبعد. وانتصبا على الحال.

[المعنى]

نهى تعالى عن الشرك، وأن يعبد معه سواه، فالعبادة بالقلب واللسان والجوارح لا تكون إلاّ له.

وكما حذر في فاتحة الآيات بقعود المشرك في الدنيا مذموماً بالشرك الذي ارتكبه مخذولاً لا

<<  <   >  >>