للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى، وهي الإسلام، كذلك علينا أن نتبع سبيله في القيام بشرائع الإسلام علماً وعملاً: في أبواب العبادات وأحكام المعاملات، وفي تطبيق أصول الإسلام وفروعه على الحياة العامة والخاصة. وهذه هي سنته التي كان عليها، وكان عليها أصحابه، وأهل القرن الثاني من التابعين، وأهل القرن الثالث من أتباع التابعين: تلك القرون المشهود لها بالخيرية على غيرها بلسان المعصوم.

وكما أن من عدل عن الإسلام ولم يسلك سبيله وقع في ضلال الكفر، كذلك من عدل من السنة ولم يسلك سبيلها وقع في ضلال الابتداع.

وكما أن من لم يتخذ مع الرسول سبيل الإسلام يندم أشد الندم ويتحسر أعظم الحسرة على ما كان من تفريطه.

كذلك من لم يتخذ مع الرسول سبيل السنة إذ كل منهما قد ظلم نفسه، وفرط في سبيل نجاته.

فالآية، وإن كانت في الكافر والمشرك، فهي تتناول بطريق الاعتبار لكل الأهواء والبدع، وبهذا كانت الآية متناولة بوعظها وترهيبها جميع الخلق ممن لم يدخل في الإسلام، أو دخل فيه ولم يلزم سنة نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

[تحذير]

عندما تتخلل محبة شخص من الناس قلبك، وتمزج بروحك ويستولي بسلطان مودته عليك، تصير أقواله وأفعاله كلها عندك مرضية، وعيوبه ونقائصه عنك محجوبة، فتمسي طوع بنانه، ورهن إشارته، يوجهك حيث شاء ويصرفك عما أراد. وهذه حالة من أخطر الأحوال عليك، لأنك فيها قد سلبت تمييزك، وخسرت إرادتك، وصرت آلة في يد غيرك؛ فقد ترى الخير وتدعى إليه فيصرفك عنه، وقد ترى الشر وتحذر منه فيوقعك فيه.

وهب هذا الخليل كان مخلصاً لك، [[وحدباً]] عليك، فإنه غير معصوم من الخطأ والضلال. أما إذا كان شريراً مفسداً فهنالك الهلاك المحقق، والوبال الشديد.

وقد ذكر لنا الله تعالى في هذه الآية ما كان من سوء مثال الظالم بسبب انقياده لخليله، واتباعه له من غير روية وصدق تمييز.

يحذرنا من سلطان الخلة الذي يهمل معه شأن الإرادة والتمييز، ويعلمنا أن علينا أن نحافظ على إرادتنا وتمييزنا، ونظرنا لأنفسنا مع الصديق والعدو، ومع الخليل وغير الخليل، بل نحافظ عليها مع الخليل أكثر، لأنه مظنة الخوف بما له من المكانة في القلب والسلطان على النفس.

[إرشاد]

لما كان خليل المرء بهذه المنزلة فعليك أن تختار من تخالل، فلا تخالَّ إلاّ من حسنت سريرته،

<<  <   >  >>