للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«بينا نحن جلوس عند رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- إذ جاء رجل من بني سلمة، فقال: يا رسول الله هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل الا بهما، وإكرام صديقهما» (١).

وفي إكرام صديقهما جاء في الصحيح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: أن رجلا من الأعراب لقيه بطريق مكة، فسلم عليه عبد الله، وحمله على حمار كان يركبه، وأعطاه عمامة كانت على رأسه. قال ابن دينار: فقلنا له: أصلحك الله إنهم الأعراب، وإنهم يرضون باليسير. فقال عبد الله: إن أبا هذا كان وداً لعمر بن الخطاب. واني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يقول:

«إن أبر البر صلة الولد أهل ود أبيه» (٢).

هذا، وإن من راض نفسه على هذه الأخلاق الكريمة والمعاملة الحسنة والأقوال الطيبة التي أمر بها مع والديه- يحصل له من الارتياض عليها كمال أخلاقي مع الناس أجمعين. وكان ذلك من ثمرات امتثال أمر الله وطاعة الوالدين.

والله يوفقنا ويهدينا سواء السبيل، إنه المولى الكريم رب العالمين.

[صلاح النفوس وإصلاحها]

{رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا (٢٥)} [الإسراء: ٢٥].

[الشرح والمعنى]

صلاح الشيء: هو كونه على حالة اعتدال في ذاته وصفاته، بحيث تصدر عنه أو به أعماله المرادة منه على وجه الكمال.

وفساد الشيء هو كونه على حالة اختلال في ذاته أو صفاته، بحيث تصدر عنه أو به تلك الأعمال على وجه النقصان.

اعتبر هذا في البدن، فإن له حالتين: حالة صحة، وحالة مرض.

والأولى هي حالة صحته باعتدال مزاجه، فتقوم أعضاؤه بوظائفها وينهض هو بأعماله.


(١) أخرجه أبو داود في الأدب باب ١٢٠. والترمذي في البر باب٥. وابن ماجه في الأدب باب. ٢. وأحمد في المسند (٣/ ٤٩٨).
(٢) أخرجه مسلم في البر (حديث ١١ و١٢) وأبو داود في الأدب باب ١٢٠. والترمذي في البر باب ٥. وأحمد في المسند (٢/ ٨٨،٩١،٩٧،١١١).

<<  <   >  >>