للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بقوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا}. فإن قريب المقتول قد نصره الله إذ جعل له حق الاقتصاص، فإذا لم يستوف له في الدنيا استوفى له في الأخرى.

والمؤمن بيقينه لا يرى يوم القيامة إلاّ قريباً. وكفى بالله حسيباً.

[حفظ الأموال باحترام الملكية]

{وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (٣٤) وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [الإسراء: ٣٤و٣٥].

مال الشخص: هو ما كان ملكاً له:

(واليتيم): هو من عدم أباه، من اليتم بمعنى الانفراد، ومنه الدرة اليتيمة. ومن عدم أباه فقد عدم ناصره. فإذا بلغ النكاح فقد بلغ القوة، فاستغنى عن الناصر، فلا يقال فيه يتيم في اللغة.

واعتبر الشرع الشريف وجود قوة العقل فمنع استغلاله، ودفع ماله إليه بعد البلوغ حتى يؤنسَ منه الرشد.

(والتي هي أحسن): الفعلة والخصلة التي هي أنفع.

والبلوغ إلى الشيء: الوصول والانتهاء إليه.

(والأشد): جمع شدة كأنعم جمع نعمة، فالأشد هو القوى. وبلوغ الأشد هو بلوغ القوى، والوصول إلى الحالة التي تحصل فيها القوى للإنسان، القوى البدنية، والقوى العقلية. ولا يقال في الشخص قد بلغ أشده إلاّ إذا حصل على قواه من الجهتين. فأما القوى البدنية فعلامة حصولها هو البلوغ. وأما القوى العقلية فعلامة حصولها هو الرشد الذي يظهر في حسن التصرف.

وقد جمع العلامتين قوله تعالى:

{وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء:٥].

فابتداء الأشد من البلوغ إذا كان معه رشد، ولا يزال يتدرج حتى يستكمل في الأربعين، كما قال تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً} [الأحقاف:١٥]. فالأربعون هي سن الاستكمال، والاستواء، والتمام في القوى، وهي السن التي بعث الله فيها النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- للعالمين بشيرا ونذيرا.

<<  <   >  >>