للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاستشهد أبو هريرة بالآية على الحديث، ليبين أنه تفسير لها، وأن صلاة الفجر مشهودة تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار.

وجاء هذا عند أحمد عن ابن مسعود مرفوعاً إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ (١).

وجاء اجتماع الملائكة بأبسط من هذا عند مالك رحمه الله، فأخرج في موطئه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قال: «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ وَصَلاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ -وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ- كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ» (٢).

[استنباط]

من تخصيص صلاة الفجر بجملة التذييل المؤكدة، وما اشتملت عليه من هذه المزية، أخذ جماعة من أهل العلم أفضليتها على غيرها.

فإن قلت: إن صلاة العصر أيضا لها من هذه المزية، كما تقدم في حديث مالك.

قلت: إن ثبوت هذه المزية للفجر قطعي بنص القرآن، ومتفق عليه في روايات الحديث بخلاف العصر، فقد جاء في بعض الروايات دون بعض (٣)، وتبقى الفجر ممتازة بتخصيصها بالتأكيد في نص الكتاب وكفى هذا مرجحا لها.

[ترغيب وترهيب]

قد جاء عن النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- في الترغيب في امتثال هذا الأمر: {أقم الصلاة} وفي الترهيب من مخالفته من الأحاديث ما فيه مقنع ومزدجر.

فمما جاء فيهما حديث عبادة بن الصامت- رضي الله عنه- قال:


(١) ولفظه عن ابن مسعود رضي الله عنه: أن نبي الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «صلاة الجمع تفضل على صلاة الرجل وحد خمسة وعشرين ضعفاً كلها مثل صلاته». أخرجه أحمد في المسند (٣٧٦/ ١، ٤٣٧، ٤٥٢، ٤٦٥).
(٢) أخرجه الإمام مالك في الموطأ (كتاب قصر الصلاة في السفر، باب جامع الصلاة٢٤، حديث٨٢). وأخرجه أيضا البخاري في مواقيت الصلاة باب١٦، ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة حديث٢١٠.
(٣) من الأحاديث التي تدل على فضل صلاة العصر، ما رواه الترمذي في الصلاة باب١٩ وتفسير سورة البقرة باب٣٢، من حديث عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صلاة الوسطى صلاة العصر». ورواه أيضاً في تفسير سورة البقرة باب٣٠ من حديث سمرة بن جندب. وروى أحمد في المسند (٥/ ٣٦١) من حديث بريدة قال: سمعت رسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «بكروا بالصلاة في اليوم الغيم فإنه من فاته صلاة العصر فقط حبط عمله». وفي الموطأ روى الإمام مالك (كتاب وقوت الصلاة، باب جامع الوقوت٥، حديث٢١) عن عبد الله بن عمر؛ أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «الذي تفوته صلاة العمر كأنما وتر أهله وماله» وأخرجه أيضاً البخاري في مواقيت الصلاة باب١٤، ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة حديث٢٠٠.

<<  <   >  >>