ومقتض لسلبها، وأن اليأس من رحمة الله جهل به، وكفر بما هو متقلب فيه من نعمه وموجب لانطماس القلب، وشلل البدن، وانقطاع الأعمال.
فليحذر المؤمن من هذين الوصفين الذميمين، وليعمل على اجتنابهما واجتثاثهما من أصلهما.
[سلوك]
على المرء أن يقبل نعم الله تعالى، ويقبل عليها إقبال المستعظم لها، العارف بحقها، وعظيم الفضل بها، ليقوم بشكرها، وذكر الله عندها، وليتفحصها، وليتأملها نعمة نعمة، ليشكر الله عليها واحدة واحدة بالقلب واللسان والأركان، حسب المستطاع.
حتى ما يكون من باب المصائب والآلام، فإنه يتناوله على أنه نعمة من الله تعالى، بما فيه من أجر وتمحيص، وما يحصل به من رجوع وإنابة، وما يكون منه من تربية وتدريب على السلوك اللازم في الحياة الفردية وإلاجتماعية: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: ٣٠].
وليكن دائماً متمسكاً بحبل الرجاء في الله، تيسير الأسباب، وكشف الكروب، ودفع المكروه؛ فالرجاء حسن ظن في الرب، وقوة في القلب، وباعث على العمل، ومخفف أو مذهب للألم.
فيا لها من عظيم أجرها، جليل نفعها في الدنيا والدين.
فهنيئاً للشاكرين الراجين.
ويا ويح الكافرين- كفر عقيدة أو كفر نعمة- القانطين.
[مباينة سلوك أهل الحق لسلوك أهل الباطل]
{قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا}.
قد استفيد بما تقدم تقسيم الخلق إلى قسمين: أهل إيمان ورجاء، وأهل كفر وقنوط؛ فجاء البيان في هذه الآية بأن كل فريق له مذهبه وطريقه الذي يكون عليه.
{شاكلته} طريقته ومذهبه، المشاكلة اللائقة به، التي صارت له طبيعة وخلقا.
{أهدى سبيلاً}، أسد مذهباً، وأقوم طريقاً.
التعبير بالمضارع مع لفظة على، يفيد تجدد العمل وانبناءه على الخلق والطبيعة.
[المعنى]
قل يا محمد- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- كل فريق منا ومنكم يعمل في حياته على طريقته ومذهبه، فأعمالنا مباينة لأعمالكم، لأن طريقتنا مباينة لطريقتكم، فربكم أعلم بمن هو أقوم طريقاً، وأسد مذهباً، فيثيب المهتدين، ويعاقب الضالين.
[فوائد استدراج الضال لقبول الهداية]
أ- وذلك بمناصفته بأنك على ناحيتك، وهو على ناحيته، وإظهار التساوي معه أمام علم الله