للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا كان هذا حال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فغيرهم من عباد الله الصالحين من باب أحرى وأولى.

[تحقيق تاريخي]

رويت في عظم ملك سليمان روايات كثيرة ليست على شيء من الصحة، ومعظمها من الإسرائيليات الباطلة التي امتلأت بها كتب التفسير، مما تلقى من غير تثبت ولا تمحيص، من روايات كعب الأحبار ووهب بن منبه، وروى شيئاً من ذلك الحاكم في مستدركه، وصرح الذهبي ببطلانه.

ومن هذه المبالغات الباطلة أنه ملك الأرض كلها مشارقها ومغاربها، فهذه مملكة عظيمة بسبأ كانت مستقلة عنه، ومجهولة لديه، على قرب ما بين عاصمتها باليمن وعاصمته بالشام.

[الفصل السادس الآية التاسعة]

{إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (٢٣)} [النمل: ٢٣].

{وجدت} أصبت {امرأة} هي بلقيس بإجماع المفسرين والمؤرخين.

{تملكهم} تتولى أمرهم ملكة عليهم. وعبر بالمضارع تصويراً للحال العجيب وهو أن تتولى ملكهم امرأة.

وعاد الضمير على سبأ ضمير جمع مذكر (١) على معنى القوم، إذ كانوا يسمون باسم أبيهم، فذكر لفظ سبأ أولًا بمعنى المدينة (٢) وأعيد عليه الضمير بمعنى القوم على أسلوب الاستخدام.

{من كل شيء} لفظ عام أريد به كل ما تحتاج إليه، من أشياء الملك والسلطان والقوة والعمران.

{عرش} هو سرير الملك الذي تجلس عليه {عظيم} في كبره وقوته وحسنه.

[المعنى]

يقول الهدهد لسليمان- عليه الصلاة والسلام- مبيناً الخبر العظيم الذي جاء به:

إني وجدت أولئك القوم الذين يسكنون تلك المدينة، قد جعلوا امرأة ملكة عليهم، وقد


(١) في {تَمْلِكُهُمْ}.
(٢) في {وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ}.

<<  <   >  >>