(التفسير): الكشف عن المعنى.
وصلت الجملة لمشاركتها لما قبلها في الخبرية، والمخبر عنهم والموضوع المتحدث عنه مما جاءوا به من الباطل، وما رد عليهم من الحق.
وجملة {جئناك} خالية من كاف الخطاب المفعول في: {لا يأتونك}. والحصر بالنفي وإلاّ في تلك الحال- والتقدير: ولا يأتونك بمثل في حال من أحوالك إلاّ في حال مجيئنا لك بالحق وأحسن تفسيراً.
والتعبير بالمضارع في {يأتونك} يفيد الحدوث وتجدد الإتيان منهم.
والتعبير بالماضي في {جئناك} مع أنه في معنى المستقبل يفيد تحقق المجيء، وهو المناسب لمقام الوعد والتثبيت.
[المعنى]
ولا يأتيك يا محمد، هؤلاء المشركون وأمثالهم، بكلام يحسنونه ويزخرفونه، يصورون به شبهة باطلة، أو اعتراضاً فاسداً، إلاّ جئناك بالكلام الحق الذي يدمغ باطلهم، ويدحض شبههم وينقض اعتراضهم، ويكون أحسن بياناً وأكمل تفصيلاً.
[إهتداء]
إذا تتبعت آيات القرآن وجدتها قد أتت بالعدد الوافر من شُبَه الضالين واعتراضاتهم، ونقضتها بالحق الواضح والبيان الكاشف في أوجز لفظ وأقربه وأبلغه.
وهذا قسم عظيم جليل من علوم القرآن يتحتم على رجال الدعوة والإرشاد أن يكون لهم به فضل عناية، ومزيد دراية وخبرة.
ولا نحسب شبهة ترد على الإسلام، إلاّ وفي القرآن العظيم ردها بهذا الوعد الصادق من هذه الآية الكريمة.
فعلينا عند ورود كل شبهة من كل ذي ضلالة أن نفزع إلى آي القرآن، ولا إخالنا إذا أخلصنا القصد وأحسنا النظر إلاّ واجديها فيها.
وكيف لا نجدها في آيات ربنا التي هي الحق وأحسن تفسيراً؟!
[إقتداء]
لنقتد بالقرآن فيما نأتي به من كلام في مقام الحجاج، أو مقام الإرشاد.
فلنتوخ دائماً الحق الثابت بالبرهان أو بالعيان، ولنفسره أحسن التفسير ولنشرحه أكمل الشرح، ولنقربه إلى الأذهان غاية التقريب.
وهذا يستدعي صحة الإدراك، وجودة الفهم ومتانة العلم لتصور الحق ومعرفته.