(الشفاء) البراء من المرض مرض الأبدان، أو مرض النفوس.
(الرحمة) النعمة.
(الظلم) وضع الشيء في غير محله: كوضع الكفر موضع الإيمان.
(الخسار) النقص والضياع يكون في الأموال، يقال: خسر ماله إذا ضيعه. ويكون في النفوس، فيقال: خسر نفسه إذا ضيعها ولم يستعملها فيما خُلقت له من الطاعة والكمال. ويكون في الدين فيقال: خسر دينه إذا ضيعه ولم يعمل به، فخاسر القرآن من ضيعه ولم يؤمن به.
قرنت جملة ننزل بالواو مع أن ما قبلها إنشائية؛ وذلك على وجهين:
الأول: أن تكون معطوفة على جاء الحق، أي وقل: ننزل. فعطفت الخبرية على الخبرية التي لها محل، وهو المفعولية بالقول.
الثاني: أن تكون (الواو) للاستئناف: وهي في الحقيقة صلة في الكلام لتقويته، وقرنت جملة لا يزيد بالواوة لأنها معطوفة على جملة الصلة.
وعبر بالمضارع في {ننزل} و {يزيد}: قصد المعنى للتجدد؛ لأن الآيات كانت تنزل شيئاً فشيئاً.
وتنكير {شفاء} و {رحمة} للتعظيم.
وقدم (الشفاء)، لأنه برء من النقص، على (الرحمة)، لأنها حصول الكمال، تقديم التحلية وآيات القرآن سبب في حصول الشفاء، فجعلت هي شفاء على طريق المبالغة تنبيهاً على تحقق حصوله بها.
[المعنى]
وننزل عليك يا محمد- بحسب الوقائع والمناسبات- آيات من القرآن العظيم، هي شفاء يستشفي بها المؤمنون، ونعمة عظيمة أنعمنا بها عليهم يؤمنون بها ويحلون حلالها، ويحرمون حرامها، ويعملون بما فيها فينالون سعادة الدنيا والآخرة.
أما الكافرون الظالمون الذين قابلوا بالكفر ما يجب أن يقابل بالإيمان، وقابلوا بالرد ما يجب أن يقابل بالقبول، فإن نزول تلك الآيات يكون سبباً في زيادة خسارهم، وضياع الخير عليهم، إذ كل آية من تلك الآيات كانت كافية في شفائهم لو استشفوا بها، ونزول الرحمة عليهم لو اهتدوا بها إلى الإسلام.
لكنهم يقابلون كل آية بالكفر والجحود، فيخسرون في كل مرة كنزاً عظيماً. وهكذا يزداد خسارهم بقدر كفرهم المتجدد بنزول الآيات.
[تنظير]
وصف الله تعالى القرآن بأنه شفاء في مواضع من كتابه منها هذه، ومنها قوله تعالى في: