للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: «إن الله جعل رزقي تحت ظل رمحي» " (١) "؛ وقوله: «تغدو خماصًا وتروح بطانًا» (٣).

وكان الصحابة يتجرون في البر والبحر، ويعملون في نخيلهم وبهم القدوة.

[تطبيق]

إذا رأينا طائفتين من المؤمنين تنازعتا فأما إحداهما فالتجأت إلى السلطان تستغيثه، وتستعين به، وتحطب في حبله، فأغاثها وانتقم لها، وأمدها وقربها وأدناها.

وأما الأخرى فلم تستغث إلاّ بالله ولم تستنصر إلاّ به، ولم تعتمد إلاّ عليه، ولم تعمل إلاّ فيما يرضيه من نشر هداية الإسلام، وما فيها من خير عام لجميع الأنام، وتحملت في سبيل ذلك كل ما تسببت لها فيه الطائفة الأخرى ومن تولته وهربت إليه.

إذا رأينا هاتين الطائفتين عرفنا منهما- يقيناً- الفارة من الله، والفارة إليه؛ فكنا- إن كنا مؤمنين- مع من فر إلى الله.

[الآية الخامسة]

{وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ}.

{ولا تجعلوا} ولا تضعوا من عند أنفسكم ما لا وجود له.

{إلها} معبوداً تخضعون له، وترجون منه التصرف في الكون، ليجلب لكم النفع ويدفع عنكم الضر. وتقدمت ألفاظ ما بَعْدُ في الآية السابقة.

[المعنى]

ولا تجعلوا في فراركم إلى الله شيئاً معه من مخلوقات تعتمدون عليه، وتلتجئون إليه، فتكونوا قد أشركتم به سواه. فإنني أحذركم ما في ذلكم من هلاككم بالشرك الذي لا يقبل الله معه من عمل، وإنني قد أبنت لكم لزوم توحيده في الفرار إليه، كما بينت لكم لزوم ذلك الفرار.

أعاد {إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} مع الآية الخامسة، ليبين لهم أن عبادة الله مع الإشراك به كتعطيل عبادته؛ فهلاك المشرك كهلاك الجاحد، والنجاة أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا لا في ربوبيته ولا في ألوهيته.


(١) رواه البخاري في الجهاد باب ٨٨، وأحمد في المسند (٢/ ٥٠) من حديث ابن عمر قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يُعبد الله وحده لا شريك له، وجُعل رزقي تحت ظل رمحي، وجُعل الذلّة والصغار على من خالف أمري؛ ومن تشبّهَ بقع فهو منهم».
(٢) رواه الترمذي في الزهد باب ٣٣، وابن ماجة في الزهد باب ١٤، وأحمد في المسند (١/ ٣٠، ٥٢) من حديث عمر بن الخطاب عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطانًا».

<<  <   >  >>