لما ثبت شرعاً، أن الدعاء عبادة- فمن دعا شيئاً فقد عبده ولو كان هو لا يسمي دعاءه عبادة- جهلاً منه، أو عناداً-؛ لأن العبرة بتسمية الشرع واعتباره لا بتسمية المكلف واعتباره. ألا ترى لو أن شخصاً قام للصلاة بدون وضوء مستحلا لذلك، فلما أنكرنا عليه قال: أنني لا أعتبر هذه الأفعال والأقوال عبادة، ولا أسميها صلاة. أترى ذلك يجيز فعله، ويدفع عنه تبعته؟؟ كلا!! ولا خلاف في ذلك بين المسلمين.
بل قد حكموا بردته إن كان يفعل ذلك ويراه حلالًا، لأنه يكون قد أنكر معلوماً من الدين بالضرورة.
فالداعي لغير الله تعالى يطلب منه قضاء حوائجه، قد عبد من دعاه وإن لم يعتبر دعاءه عبادة؛ لأن الله قد سماه عبادة.
وإذا استمر على فعله ذلك مستحلا له بعدم تعليمه وإرشاده، يكون قد أنكر معلوماً من الدين بالضرورة، وهو أن العبادة- والدعاء منها- لا تكون إلاّ لله فيحكم بردته، نظير مستحل الصلاة بلا وضوء، بلا فارق.
[تطبيق]
إذا علمت هذه الأحكام، فانظر إلى حالتنا معشر المسلمين الجزائريين وغير الجزائريين، تجد السواد الأعظم من عامتنا غارقاً في هذا الضلال:
فتراهم يدعون من يعتقدون فيهم الصلاح من الأحياء والأموات، يسألونهم حوائجهم من دفع الضر، وجلب النفع، وتيسير الرزق، وإعطاء النسل، وإنزال الغيث، وغير ذلك مما يسألون. ويذهبون إلى الأضرحة التي شيدت عليها القباب، أو ظلمت بها المساجد فيدعون من فيها، ويدقون قبورهم، وينذرون لهم، ويستثيرون حميتهم، بأنهم خدامهم وأتباعم، فكيف يتركونهم؟؟ وقد يهددونهم بقطع الزيارة، وحبس [[النذور]].
وتراهم هنالك في ذل وخشوع وتوجه، قد لا يكون في صلاة من يصلي منهم!!
فأعمالهم هذه من دعائهم وتوجههم كلها عبادة لأولئك المدعوين، وإن لم يعتقدوها عبادة؛ إذ العبرة باعتبار الشرع، لا باعتبارهم.
فياحسرتنا على أنفسنا كيف لبسنا الدين لباساً مقلوباً، حتى أصبحنا في هذه الحالة السيئة من الضلال.
[تحذير وإرشاد]
فليحذر قراؤنا من أن يتوجهوا بشيء من دعائهم لغير الله، وليحذروا غيرهم منه.
ولينشروا هذه الحقائق بين إخوانهم المسلمين، بما استطاعوا، عسى أن يتنبه الغافل، ويتعلم