للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن رشد: وإنه لحسن من الفتوى، فهكذا ينبغي مراعاة الأحوال في تنزيل الأقوال، فإن من لم يقتل يجب التشديد عليه وسد الباب في وجهه، ومن قتل ينبغي ترغيبه في الرجوع إلى الله.

وفي مراعاة هذا الأصل والإقتداء بهذا الإمام فوائد كثيرة في الحث عل الخير، والكف عن الشر، والحكيم من ينزل الأشياء في منازلها، كانت أعمالاً أو كانت أقوالاً.

[ترهيب]

ما أعظم هذا الذنب وما أكبره!! ونعوذ بالله من ذنب اختلف أئمة السلف في قبول توبة مرتكبه، وقد أجمعوا على قبول توبة الكافر.

ولعظم شأن الدماء؛ كانت أول ما يقص فيه يوم القيامة بين الخلق (١).

فإياك أيها الأخ أن تلقى الله تعالى بمشاركة في سفك قطرة من دم ظلماً ولو بكلمة، فإن الأمر صعب، والموقف خطير!!

...

[بشارة التائبين إلى رب العالمين]

{وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (٧١)} [الفرقان: ٧١].

لما أفادت الآية السابقة أن التوبة تمحو السيئات، جاءت هذه الآية إثرها تبين ما لأهلها من جزيل الإنعامات، وعظيم الدرجات.

(المتاب): مصدر كالمرجع.

خالف جواب الشرط وهو (يتوب) فعل الشرط وهو {تاب} بمتعلقه وهو {إلى الله}، ومعموله وهو {متابًا}.

وعبر بالمضارع في الجواب ليفيد التجدد باعتبار تجدد المثوبات للراجعين إلى الله.

ونون {متابًا} تنوين تفخيم وتعظيم.


= القرشي الفقيه الحافظ. فقيه حافظ متفق على جلالته وإتقانه، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة. توفي سنة ١٢٣ أو ١٢٤ أو ١٢٥ هـ. انظر ترجمته في تهذيب التهذيب (٩/ ٤٤٥) وتاريخ البخاري الكبير (١/ ٢٢٠) والجرح والتعديل (٨/ ٣١٨) وسير أعلام النبلاء (٥/ ٣٢٦) وحلية الأولياء (٣/ ٣٦٠).
(١) كما ورد في الحديث عن ابن مسعود عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «أول ما يقضى بين الناس في الدماء». أخرجه البخاري في الديات باب ١، والرقاق باب ٤٨. ومسلم في القسامة حديث ٢٨. والترمذي في الديات باب ٨. والنسائي في التحريم باب ٢. وابن ماجة في الديات باب ١. وأحمد في المسند (١/ ٣٨٨، ٤٤١، ٤٤٢).

<<  <   >  >>