الإنسان، ثم يريد هذا المحرف أن يطبق عليها آية القرآن: كتاب الحق والعدل والرحمة والإحسان، وإصلاح الإنسان ليصلح العمران.
فأما الصالحون، فهو لفظ قرآني كما قدمناه، وقد شرف أهله بإضافتهم إلى الله في قوله {عبادي} فحمله على الصالحين لعمارة الأرض تحريف للكلم عن مواضعه أبشع التحريف وأبطله، فليحذر المؤمن منه ومن مثله من تحريفات المبطلين والمفتونين.
[موعظة وإرشاد]
فعلى الأمم التي تريد أن تنال حظها من هذا الوعد، أن تصلح أنفسها الصلاح الذي بينه القرآن. فأما إذا لم يكن لها حظ من ذلك الصلاح فلا حظ لها من هذا الوعد وإن دانت بالإسلام.
ولله سنن نافذة بمقتضى حكمته ومشيئته في ملك الأرض وسيادة الأمم: يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء. من أخذ بنوع من تلك السنن بلغت به وبلغ بها إلى ما قدر له من عز وذل وسعادة وشقاء وشدة ورخاء، وكل محاولة لصدها عن غايتها- وهو آخذ بها- مقضي عليها بالفشل.
سنة الله، ومن ذا يبدلها أو يحولها؛ {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [الأحزاب: ٦٢]، {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} [فاطر: ٤٣]، {لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} [يونس: ٤٩].
...
[٨ - دفاع الله عن المؤمنين]
{إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (٣٨)} [الحج: ٣٨].
دفع الشيء، صده ورده، والدفاع عن الشرع، حمايته بصد ما يؤذيه عنه. وقرىء في المتواتر "يدفع"، وقرىء {يدافع}، وهو بمعنى يدفع، ولكنه أريد قوة الدفع فجيء بـ"يفاعل"، الذي يقتضي المغالبة في أصله؛ لأن دفع المغالب أقوى وأبلغ، أو لأن ما يهيئه الله من أسباب الدفع التي يباشرونها، مقابلة لما يقصدهم به أضدادهم، فكان الدفع من الجانبين.
(خان) إذا ضيع ما جعل في حفظه وعدته، والخوّان الكثير التضييع لما استحفظ.
و (الكفور) الكثير الجحود للنعم، فلا يعزف بها أو لا يؤدي شكرها.
عندما يكون المؤمنون في قلة وضعف، وأعداؤهم قي كثرة وقوة- كالحالة التي كان عليها المؤمنون يوم نزلت الآية بعد الهجرة- تشك النفوس في سلامتهم من كيد عدوهم؛ فلذا جاء هذا الخبر مؤكداً بـ"إِنَّ ".
ولكون هذا الدفع متجدداً جيء بالفعل مضارعاً.