{الذكر} القرآن. وهو من أسمائه التي تكررت في التنزيل، و"ال" فيه العهد.
{الغيب} الخلوة عندما يغيب الإنسان عن عيون البشر.
(التبشير) الإخبار بما يسر.
(المغفرة) سترة الذنب بالتجاوز عنه وعدم المؤاخذة به.
(الأجر) الجزاء على العمل.
(الكريم) الطيب الشريف في نفسه الدافع في إثره الذي لا يشوب ذاته نقص ولا منفعته ضرر.
وأفاد المضارع في {تنذر} تجديد الإنذار للمتبعين، وذكر اسم {الرحمن} ليفيد التركيب أنهم يخشونه مع العلم برحمته، وذلك يقتضي جمعهم بين الخوف والرجاء.
ذكر المنتفعين بعد المأيوس من انتفاعهم، ترقية من الأدنى إلى الأعلى، ولأنهم كالزبدة التي يحصل عليها بعد طرح غيرها، ولإراحة القلب من أولئك، لتتوجه العناية التامة إلى هؤلاء. وذكرت الخشية بعد الاتباع لأنها لا تحصل إلاّ به.
وجيء بعد بالتبشير مقروناً بالفاء، لأنه إنما يكون لأهل الاتباع والخشية، بسبب اتباعهم وخشيتهم.
وذكر الأجر بعد المغفرة لأن التحلية بعد التخلية، والتزين بعد إزالة الأدران.
[المعنى]
إنما يتجدد إنذارك وينتفع به الذين آمنوا، وهم الذين اتبعوا القرآن وخافوا الله في خلواتهم، لصدق إيمانهم خاشين نقمته، راجين رحمته.
وهؤلاء كما تنذرهم وينتفعون بإنذارك، بشرهم- على اتباعهم للقرآن، وخشيتهم بالغيب للرحمن- بمغفرة ذنوبهم، وجزاء- شريفًا رفيعًا طيبًا نافعًا (١) لا نقص فيه ولا تنغيص- على أعمالهم.
[دفع إشكال]
أمر النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بالإنذار العام، ثم كان ممن أنذرهم قوم مأيوس منهم، وهؤلاء هم المراد بقوله تعالى: {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ} ... الآيات، وهم الذين جاء فيهم قوله تعالى: {فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا} [النجم: ٢٩]. إذ لا فائدة من إنذارهم.
وكان قوم آخرون آمنوا وهؤلاء هم المرادون بقوله: {إِنَّمَا تُنْذِرُ} الآية.
فلا منافاة بين قوله تعالى: {لِتُنْذِرَ قَوْمًا} الذي يقتضي التعميم، وقوله: {إِنَّمَا تُنْذِرُ} الذي
(١) جاءت في الأصل المطبوع: "شريف رفيع طيب نافع" والصواب ما أثبتناه؛ لأن كل هذه الألفاظ نعوت لـ"جزاء" المنصوب بـ"بشرهم".