للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسيادة العادلة في الدنيا، ونيل السعادة الكبرى في الأخرى. وليس هذا عن العاملين ببعيد، وما هو على الله بعزيز.

[رجاء وتفاؤل]

إن المطلع على أحوال الأمم الإسلامية يعلم أنها قد شعرت بالداء، وأحست بالعذاب، وأخذت في العلاج، وإن ذلك، وإن كان يبدو- اليوم- قليلاً، لكنه- بما يحوطه من عناية الله، وما يبذل فيه من جهود المصلحين- سيكون بإذن الله كثيراً.

وعسى أن يكون في ذلك خير لأمم الأرض أجمعين.

حقق الله الآمال وسدد الأعمال، بلطف منه وتيسير، إنه نعم المولى ونعم النصير.

...

[التكريم الرباني للنوع الإنساني]

{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (٧٠)} [الإسراء: ٧٠].

{كرمنا}: الكرم ضد اللؤم ويوصف به الشيء لشرفه في ذاته بكمال صفاته، أو لحسن أفعاله، وما يصدر عنه من النفع لغيره.

فيقال: فرس كريم، وشجرة كريمة، وأرض كريمة، إذا أحسنت هذه الأشياء في ذواتها، وكملت فيها صفات أنواعها.

ويقال: نفس كريمة إذا كملت بمحاسن الأخلاق التي بها كمال النفوس.

وقالت بلقيس في كتاب سليمان عليه السلام: {إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (٢٩)} [النمل: ٢٩].

لأنه كان على أكمل ما تكون عليه الكتب من بيان اسم مرسله، وذكر اسم الله تعالى في أوله، وختمه على ما فيه.

هذا كله من كرم الذات بما كمل فيها من صفات.

ووصف جبريل عليه السلام بأنه رسول كريم (١) لشرف ذاته الملكية، وحسن أفعاله بما كان على يده من نفع للخلق؛ بتبليغ الوحي والهدى.

وهذا من كرم الذات والأفعال وهو الكرم الكامل الذي يكون بشرف الذات ونفع الأفعال.

ويقال كرم الشيء بضم الراء لازماً، وبتعدى بالهمز والتضعيف، فيقال: أكرمته وكرمته بمعنى واحد: أي فعلت له فعلاً فيه رفعة له ومنفعة.


(١) قال تعالى في الآيتين ١٩و٢٠ من سورة التكوير:"إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ".

<<  <   >  >>