حالة وطننا في الأعم الأغلب في الولائم والمآتم لا تخلو من السرف فيها، الذي يؤدي إلى التقتير من بعدها فيكون الإثم قد أصاب صاحبها بنوعيه، وأحاط به من ناحيتيه، والشر يجر إلى الشر، والإثم يهدي إلى مثله، وعلى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين علق كثير ممن سمعناهم يشكون هذه الحالة- آمالهم في معالجتها، خصوصاً في المآتم. حقق الله الأمال.
وثم نوع آخر موجود في غالب القطر، وبكثر في بعض الجبال.
وهو أن بعض المأمورين من شيوخ الطوائف، يأتون بثلة من أتباعهم، فينزلون على المنتمين إليهم من ضعفاء الناس، فيذبح لهم العناق إن كانت، ويستدين لشرائها إن لم تكن، ويفرغ المزاود، ويكنس لهم ما في البيت، ويصبح معدماً فقيراً مديناً، ويصبح من يومه صبيته يتضاغون، ويمسي أهل ذلك البيت المسكين يطحنهم البؤس، ويميتهم الشقاء ميتات متعددة في اليوم.
وشر ما في هذا الشر أنه يرتكب باسم الدين، ويحسبه الجهال أنه قربة لرب العالمين: فأما إذا جاء وقت شد الرحال إلى الأحياء والأموات، وتقديم النذور والزيارات، فحدث هنالك عن أنواع السرف والكلفات، والتضييع للحقوق والواجبات.
[نصيحة]
فيا ليت الذين تأتيهم تلك الوفود ويسألونهم فرداً فرداً عن حالهم، ومن أين بما جاؤوهم به من أموالهم؛ فعساهم أن يطلعوا على بؤس أولئك المساكين فترق لهم قلوبهم، ويرجعوا إليهم مالهم أو يزيدوهم من عندهم، وليقتصروا على من يجدونهم أهل قدرة على ما دفعوه لهم من أموالهم. فهذه نصيحة إذا عملوا بها خففت من الشر والبؤس عن الزائرين، ومن الإثم واللوم عن المزورين.