الذين يتلقونهم في السلام، والدعاء لهم بالطيب، وهو مما يدخل في التحية؛ لأن من طيبهم طيب حياتهم.
وما أكثر ما تجد في القرآن!!، فاجعله من بالك تهتد- إن شاء الله- إليه.
[إقتداء ورجاء]
هؤلاء السالكون، وما ذكر من أعمالهم وأحوالهم هو سلوكهم؛ ولما سلكوا الصراط المستقيم، بالعمل المستقيم، انتهى بهم السير إلى أحسن قرار ومقام، إلى دار النعيم المقيم، في جوار الرحمن الرحيم.
فإذا اشتقت إلى نهايتهم فتمسك ببدايتهم، وزن أعمالك بأعمالهم، وأحوالك بأحوالهم، فإذا جعلت ذلك من همك، وحملت عليه نفسك بصادق عزمك، وصبرت كما صبروا رجوت أن تظفر بما ظفروا.
فالله نسأل لنا ولك وللمسلمين صحة الإقتداء، وصدق الرجاء، وحسن الجزاء.
[[{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}]]
...
[قيمة العباد عند ربهم بقدر عبادتهم]
{قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (٧٧)} [الفرقان: ٧٧].
قد أفادت الآية السابقة كمال حال عباد الرحمن في نفوسهم وعقولهم، وأخلاقهم، وأعمالهم، وأفادت عظيم منزلتهم عند ربهم، ورفيع ما أعد لهم من درجاتهم، جزاء على صالحاتهم وحسناتهم.
وجات هذه الآية تفيد أن ذلك المقام العظيم الذي كان عند ربهم، إنما هو بسبب عبادتهم. وتعلن للناس أن عبادتهم هي الشيء الوحيد، الذي يكون لهم به قدر وقيمة عند ربهم، وبدونها لا يكون لهم وزن عند خالقهم، ولا يكونون شيئاً يبالى به.
وأن من كذب وخلع بتكذيبه ربقة العبادة، فقد حقت عليه كلمة العذاب، وهو واقع به لا محالة.
{ما يعبأ بكم} ما يبالى بكم. (العبء) هو الثقل فما عبأت به: بمعنى ما كان له عندي وزن ولا مقدار. وعبأت به: كان له عندي وزن ومقدار. وعدي بالباء لأنه بمعنى ما باليت.
{دعاؤكم} عبادتكم من إطلاق الجزء على الكل.
{كذبتم} كفرتم فلم تعبدوا.