وذكر من أسمائه الرب؛ ليعلموا أن الرب الذي خلقهم وصورهم (١)، ولطف بهم في جميع أطوار خلقهم ومراحل تكوينهم: هو الذي وضع لهم هذه السبيل لطفاً منه بهم، وإحساناً إليهم، لينهجوها في مراحل حياتهم، فكما كان رحيماً بهم في خلقه، كان رحيماً بهم في شرعه، فيسيروا فيها عن رغبة ومحبة فيها ومع شكر له وشوق إليه.
وأمر نبيه- عليه السلام- أن يدعو الناس أجمعين- وحذف معمول "ادع" لإفادة العموم- إلى هذه السبيل، فقال تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ}.
[إهتداء]
أمر الله نبيه- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أن يدعو إلى سبيل ربه، وهو الأمين المعصوم فما ترك شيئاً من سبيل ربه إلاّ دعا إليه، فعرفنا بهذا أن ما لم يدع إليه محمد- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فليس من سبيل الرب جل جلاله؛ فاهتدينا بهذا- وأمثاله كثير- إلى الفرق بين الحق والباطل، والهدى والضلال، ودعاة الله ودعاة الشيطان.
فمن دعا إلى ما دعا إليه النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فهو من دعاة الله، يدعو إلى الحق والهدى. ومن دعا إلى ما لم يدع إليه محمد- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فهو من دعاة الشيطان يدعو إلى الباطل والضلال.
[إقتداء]
فالمسلم المتبع للنبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- لا يألو جهداً في الدعوة إلى كل ما عرف من سبيل ربه، وبقيام كل واحد من المسلمين بهذه الدعوة بما استطاع، تتضح السبيل للسالكين، ويعم العلم بها عند المسلمين، وتخلو سبل الباطل على دعاتها من الشياطين.
[أركان الدعوة]
١ - الداعي، وهو النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
٢ - والمدعو، وهم جميع الناس.
٣ - والمدعو إليه، وهو سبيل الرب جل جلاله. والدعوة إلى سبيله الموصل إليه دعوة إليه، فالمدعو إليه في الحقيقة هو الله تعالى.
٤ - والبيان عن الدعوة.
وتجيء الآيات القرآنية منها ما هو حديث وبيان عن الداعي، ومنها ما هو حديث وبيان عن المدعو إليه، ومنها ما هو حديث وبيان عن بيان الدعوة.
وتتضمن كل آية جاءت في واحد الذكر أوجه الإشارة للثلاثة الأخرى، وهذه الآية الكريمة