للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهكذا ينبغي للمسلم أن يقسم أوقاته على أعماله، ويعمرها كلها بالخير.

وكما ربط الله له صلاته بالأوقات، وهي من أمور دينه، كذلك يربط هو بالأوقات جميع أمور دنياه.

والله نسأل لنا ولجميع المسلمين أن يقصرنا على طاعته، ويفقهنا في أسرار دينه، ويوفقنا إلى اتباع سنة رسوله، عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام.

...

[نافلة الليل وحسن عاقبتها]

{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (٧٩)} [الإسراء: ٧٩].

"من": للتبعيض. "الهجود": النوم. والهاجد: النائم، وجمعه هجود. ومنه قول الشاعر:

أَلَا طَرَقَتْنَا وَالرِّفاقُ هُجُودُ

(والتهجد) ترك الهجود: كالتحرج والتأثم، في ترك الإثم والحرج.

وبناء"تَفَعَّلَ" يكثر في التحصيل كتعلم وتقدم. وجاء قليلاً في معنى الترك، والمراد منه هنا ترك النوم للقيام بالعبادة.

(النافلة) قال الجوهري: «هي عطية التطوع من حيث لا تجب، ومنه نافلة الصلاة» اهـ، أي أن الصلاة مؤداة على وجه التطوع دون الوجوب، فلذا قيل فيها: نافلة.

وهي على كلام الجوهري بمعنى الشيء الزائد: فهي اسم غير مصدر.

وقال أبو البقاء وغيره: النافلة الزيادة، فهي مصدر كالعاقبة.

{عسى}، للرجاء وهي من الله تعالى على الوجوب؛ لأن إطماعه تعالى لعباده في الجزاء على أعمالهم هو من وعده، ومحال عليه تعالى أن يخلفه.

{مقاماً} محل القيام. {محموداً} مثنياً عليه.

{من الليل} متعلق بفعل محذوف دل عليه "تهجد"، تقديره: اسهر. والضمير في {به} عائد على القرآن، لتقدم ذكره ولا تراعى الإضافة.

والباء باء الأداة؛ لأن التهجد بمعنى التعبد يحصل بالقرآن، أي بالصلاة.

ويحتمل أن يكون الضمير عائداً على الليل؛ فالباء بمعنى "في" أي فيه.

{نافلة} مصدر منصوب بـ "تهجّد" لاتفاقهما في المعنى.

والتقدير: تنفل نافلة، وهذا يجري على الوجهين في معاد الضمير.

<<  <   >  >>