أجاب العلماء عن هذا بأجوبة:
١ - منها أنه لا يخشى العقاب، ولكنه يخشى العتاب.
٢ - ومنها قول الأكثر؛ أنه غفر له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر، بشرط امتثاله لما أمر به.
ذكر هذين ابن العربي في "القبس".
٣ - ومنها أنها خشية الإجلال، ومشاهدة عظمة الربوبية، وأنه لا يجب عليه تعالى شيء.
وهذان الحديثان الصحيحان من الأدلة الصريحة عند أهل العلم، على أن العبادة الشرعية الإسلامية لا تتجرد من الخوف، حتى عبادة أفضل الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام أجمعين.
[تعليل]
الإنسان مهيأ للكمال بما فيه من الجزء النوراني العلوي، وهو روحه.
ومعرض للسقوط والنقصان بما فيه من أخلاط عناصر جزئه الأرضي الظلماني، وهو جسده.
ولا يخلص من كدرات جثمانه ولا ينجو من أسباب نقصانه إلاّ بعبادة ربه، التي بها صفاء عقله، وزكاء نفسه، وطهارة بدنه في ظاهره وباطنه.
فبعبادة ربه يكمل فيرقى في مراتب الكمال، ويدنو من الملأ الأعلى، عند الرب الأعلى ذي الجلال والإكرام.
فالله طيب لا يقبل إلاّ الطيب، وإليه يصعد الكلم الطيب، ولا طيب ولا كمال إلاّ للعابدين، فلا قيمة ولا قبول لغيرهم عند رب العالمين.
[إرشاد وتحذير]
قد بين لك الطريق الذي يوصلك إلى مولاك ويرقيك في مراتب كمالك وعلاك، وما هو إلاّ عبادة ربك: فكن عبدا له في اختيارك واضطرارك وفي جميع أحوالك.
واحذر أن تعتمد على شيء غير عبادته.
واحذر أن تتوجه بشيء من عبادتك لغيره.
ومن عبادتك- بل هو مخ عبادتك- دعاؤك وسؤالك واستغاثتك .. فإياك إياك أن تتوجه منه بشيء لغيره. فكن دائما عبداً لله، وكن دائماً عبداً له وحده، فذلك حقه عليك، وذلك السبب الوحيد الذي ينجيك ويعليك.
والله نسأل أن يقصرنا على عبادته، ويديمنا على الإخلاص في التوجه إليه، حتى نلقاه على ملة الإسلام، وهدى عباده الصالحين، آمين يا رب العالمين.