{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (٣٤)} [الأعراف: ٣٤].
وذكر إنشاء الأمم على إثر الهالكين في مثل قوله تعالى:
{وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ (١١)} [الأنبياء: ١١].
وذكر طور شباب الأمة ودخولها معترك الحياة في مثل قوله تعالى:
{عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (١٢٩)} [الأعراف: ١٢٩].
فإن بني إسرائيل ما استخلفوا في الأرض حتى قووا، واشتدوا وتكونت فيهم أخلاق الشجاعة، والنجدة والحمية والأنفة بعد خروجهم من التيه.
وذلك هو الطور الأول طور الشباب للأمة الإسرائيلية.
وذكر الطور الثاني وهو طور الكهولة واستكمال القوة، وحسن الحال، ورغد العيش في مثل قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ} [النحل:١١٢].
وذكر الطور الثالث طور الضعف وإلانحلال في مثل قوله تعالى:
{وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا (٥٩)} [الكهف: ٥٩].
وإهلاكهم يكون بعد إسباغ النعمة وإقامة الحجة عليهم، وتمكن الفساد فيهم وتكاثر الظلم منهم. فإهلاكهم هو نهاية الطور الثالث من أطوار الأمم الثلاث.
وإلى خاتمة الطور الثالث وعاقبته، جاء البيان في قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا}.
(القرية) المساكن المجتمعة، ومادة (ق ر ى) تدل على الجمع، فتصدق على القرية الصغيرة والمدينة الكبرى. وتطلق القرية مجازا على السكان إطلاقاً لاسم المحل على الحال ومنه هذا.
و (الإهلاك) الإبادة والإفناء بالاستئصال كما فعل بعاد وثمود.
و {قبل يوم القيامة} أي في الدنيا.
و (العذاب الشديد) كأمراض الأبدان وفساد القلوب، وانحطاط الأخلاق، وافتراق الكلمة، وتسليط الظُّلاَّم، كما أرسل على بني إسرائيل عباداً أولي بأس شديد، فساءوا وجوههم، وجاسوا خلال ديارهم. وكتسليط أهل الحق على أهل الباطل، وكالجدب والقحط وجوائح الأرض، وجوائح السماء.
و {في الكتاب} أي اللوح المحفوظ. و {مسطوراً} أي مكتوبا أسطارا مبيناً.