عمودا، وأمّا الكعبة زادها اللّه شرفا فإنّها بيت اللّه الحرام. إن أوّل ما خلق اللّه تعالى في الأرض مكان الكعبة، ثمّ دحا الأرض من تحتها، فهي سرة الأرض ووسط الدنيا وأمّ القرى؛ قال وهب: لمّا أهبط آدم، ﵇، من الجنّة حزن واشتدّ بكاؤه، فعزّاه اللّه بخيمة من خيامها وجعلها موضع الكعبة، وكانت ياقوتة حمراء، وقيل درّة مجوّفة من جواهر الجنّة، ثمّ رفعت بموت آدم، ﵇، فجعل بنوه مكانها بيتا من حجارة فهدم بالطوفان وبقي على ذلك ألفي سنة، حتى أمر اللّه تعالى خليله ببنائه، فجاءت السكينة كأنّها سحابة فيها رأس يتكلّم، فبنى الخليل وإسماعيل، ﵉، على ما ظلّلته.
وأمّا صفة الكعبة فإنّها في وسط المسجد مربع الشكل، بابه مرتفع على الأرض قدر قامة، عليه مصراعان ملبّسان بصفائح الفضّة طليت بالذهب، وطول الكعبة أربعة وعشرون ذراعا وشبر، وعرضها ثلاثة وعشرون ذراعا وشبر، وذرع دور الحجر خمسة وعشرون ذراعا، وارتفاع الكعبة سبعة وعشرون ذراعا.
والحجر من جهة الشام يصبّ فيه الميزاب، وقد ألبست حيطان الحجر مع أرضه الرخام، وارتفاعه حقو، وحول البيت شاذروان مجصّص ارتفاعه ذراع في عرض مثله، وقاية للبيت من السيل. والباب في وجهها الشرقي على قدر قامة من الأرض، طوله ستّة أذرع وعشر أصابع، وعرضه ثلاثة أذرع وثماني عشرة إصبعا. والحجر الأسود على رأس صخرتين، وقد نحت من الصخر مقدار ما دخل فيه الحجر. والحجر الأسود حالك على الركن الشرقي عند الباب في الزاوية، وهو على مقدار رأس إنسان، وذكر بعض المكيّين حديثا رفعوا على مشايخهم انّهم نظروا إلى الحجر الأسود عند عمارة ابن الزبير البيت، فقدروا طوله ثلاثة أذرع وهو ناصح البياض إلّا وجهه الظاهر، وارتفاع الحجر من الأرض ذراعان وثلث ذراع، وما بين الحجر والباب الملتزم، سمّي بذلك لالتزامه الدعاء. كانت العرب في الجاهليّة تتحالف هناك، فمن دعا على ظالم