قال عبد اللّه بن عبّاس: ليس في الأرض شيء من الجنّة إلّا الركن الأسود والمقام، فإنّهما جوهرتان من جواهر الجنّة ولولا مسّهما من أهل الشرك ما مسّهما ذو عاهة إلّا شفاه اللّه تعالى. ولم يزل هذا الحجر محترما في الجاهليّة والإسلام يقبّلونه إلى أن دخلت القرامطة مكّة سنة سبع عشرة وثلاثمائة عنوة، فنهبوها وقتلوا الحجّاج وأخذوا سلب البيت وقلعوا الحجر الأسود، وحملوه إلى الأحساء من أرض البحرين حتى توسّط فيه الشريف أبو عليّ عمر بن يحيى العلوي، بين الخليفة المطيع للّه وبين القرامطة، سنة خمس وثلاثين فأخذوا مالا عظيما وردّوه. فجاءوا به إلى الكوفة وعلّقوه على الأسطوانة السابعة من أساطين الجامع ثمّ حملوه على مكانه.
وحكي أن رجلا من القرامطة قال لبعض علماء الكوفة وقد رآه يقبّل الحجر ويتمسّح به: ما يؤمنكم انّا غيّبنا ذلك الحجر وجئنا بمثله؟ فقال: ان لنا فيه علامة وهي انّا إذا طرحناه في الماء يطفو، فجاءوا بماء وألقي فيه فطفا.
وأمّا المقام فإنّه الحجر الذي وقف عليه الخليل، ﵇، حين أذّن في الناس بالحجّ. وذرع المقام ذراع وهو مربع سعة أعلاه أربع عشرة إصبعا في مثلها، ومن أسفله مثل ذلك، وفي طرفيه طوق من ذهب وما بين الطرفين بارز لا ذهب عليه، طوله من نواحيه كلّها تسع أصابع وعرضه عشر أصابع، وعرضه من نواحيه إحدى وعشرون إصبعا، والقدمان داخلتان في الحجر سبع أصابع، وبين القدمين من الحجر إصبعان، ووسطه قد استدقّ من التمسّح.
وهو في حوض مربّع حوله رصاص، وعليه صندوق ساج، في طرفه سلسلتان يقفل عليهما قفلان.
قال عبد اللّه بن شعيب بن شيبة: ذهبنا نرفع المقام في عهد المهدي فانثلم وهو حجر رخو، فخشينا أن يتفتّت، فكتبنا به إلى المهدي فبعث إلينا ألف دينار فصببناها في أسفله وأعلاه، وهو الذي عليه اليوم.
وبها جبل أبي قبيس، وهو جبل مطلّ على مكّة تزعم العوامّ ان من أكل