للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما كنت فاعلا! فقالت الزوجة واسمها هزيلة: أيّها الملك هذا ولدي حملته تسعا ووضعته دفعا وأرضعته شبعا، ولم أنل منه نفعا، حتى إذا تمّت فصاله واشتدّت أوصاله أراد زوجي أخذه كرها وتركي ولهى! فقال الزوج: إني حملته قبل أن تحمله وكفلت أمّه قبل أن تكفله! فقالت الزوجة: إنّه أيّها الملك حمله خفّا وأنا حملته ثقلا، ووضعه شهوة وأنا وضعته كرها! فلمّا رأى عمليق متانة حجّتها تحيّر، ورأى أن يجعل الغلام في جملة غلمانه حتى يتبيّن له الرأي فيه، فقالت له هزيلة:

أتينا أخا طسم ليحكم بيننا … فأظهر حكما في هزيلة ظالما

ندمت وكم أندم وأنّى بعثرتي … وأصبح بعلي في الحكومة نادما

فلمّا سمع عمليق ذلك غضب على نساء جديس، وأمر أن لا تزوّج بكر من نساء جديس حتى تدخل عليه فيكون هو مفترعها! فلقوا من ذلك ذلّا حتى تزوّجت غفيرة بنت غفار، أخت الأسود بن غفار سيّد جديس، فلمّا كانت ليلة الزفاف أخرجت لتحمل إلى الملك والقينات حولها يضربن بمعازفهن ويقلن:

ابدي بعمليق وقومي واركبي … وبادري الصّبح بأمر معجب!

فسوف تلقين الذي لم تطلبي … وما لبكر دونه من مهرب!

فأدخلت على عمليق فامتنعت عليه، وكانت أيّدة فافترعها بحديدة وأدماها، فخرجت ودمها يسيل على قدميها فمرّت باكية إلى أخيها وهو في جمع عظيم، وهي تقول:

لا أحد أذلّ من جديس … أهكذا يفعل بالعروس؟

فقال أخوها: ما شأنك؟ فأنشأت تقول:

<<  <   >  >>