للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيصيبهم مثل ذلك. وهذه الحكاية وإن كانت شبه الخرافات لكنها في جميع كتب أخبار مصر مكتوبة والبيت باق إلى الآن.

وينسب إليها أبو الفيض ذو النون المصري ابن إبراهيم الاخميمي. انّه كان أوحد وقته علما وورعا وأدبا. وله حالات عجيبة أعجب من البرابي، حكى سالم بن عبد اللّه المغربي قال: سألت ذا النون عن سبب توبته فقال: انّه عجيب لا تطيقه! فقلت: وحقّ معبودك الّا أخبرتني! فقال: خرجت من مصر أريد بعض القرى، فنمت في بعض الطريق ففتحت عيني، فإذا أنا بقنبرة عمياء سقطت من وكرها على الأرض، فانشقّت الأرض فخرجت منها سكرّجتان إحداهما ذهب والأخرى فضّة، وفي إحداهما سمسم وفي الأخرى ماء، فجعلت تأكل من هذا وتشرب من هذا، فقلت: حسبي لزمت الباب حتى قبلني.

توفي سنة خمس وأربعين ومائتين.

وحكى يوسف بن الحسين قال: بلغني أن ذا النون يعرف اسم اللّه الأعظم، فقصدت مصر وخدمته سنة ثمّ قلت له: أيّها الأستاذ أثبتّ عليك حقّ الخدمة، أريد أن تعرفني اسم اللّه الأعظم ولا تجد له موضعا مثلي. فسكت حتى أتى على هذا ستّة أشهر، ثمّ أخرج لي يوما طبقا ومكنّة مشدودا في منديل، وكان ذو النون بالجيزة، قال لي: أتعرف صديقنا فلانا بالفسطاط؟ قلت: نعم. قال:

أريد أن تؤدي إليه هذا. قال: فأخذت الطبق وامشي طول الطريق وأتفكّر في ذلك، فلم أصبر حتى حللت المنديل ورفعت المكنّة، فإذا فأرة على الطبق أفلتت ومرّت فاغتظت من ذلك وقلت له: إنّه يسخر بي! فرجعت إليه مغتاظا.

فلمّا رآني عرف ما في وجهي فقال: يا أحمق ائتمنتك على فأرة فخنتني! أفآتمنك على اسم اللّه الأعظم؟ مرّ عني لا أراك.

<<  <   >  >>