للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهي مملوءة من الخيرات والمياه والأشجار والمزارع والفواكه. بها جبل يقال له قصر يانه وهو من عجائب الدنيا. على هذا الجبل مدينة عظيمة شامخة، وحولها مزارع وبساتين كثيرة، وهي شاهقة في الهواء، وكلّ ذلك يحويه باب المدينة.

لا طريق إليها إلّا بذلك الباب، والأنهار تنفجر من أعلاها.

وبها جبل النار، ذكر أبو عليّ الحسن بن يحيى أنّه جبل مطلّ على البحر، دورته ثلاثة أيّام بقرب طبرمين، فيه أشجار كثيرة وأكثرها البندق والصنوبر والارزن، وفيه أصناف الثمار، وفي أعلاه منافس النار يخرج منه النار والدخان، وربّما سالت النار منه إلى جهة تحرق كلّ ما مرّت به، وتجعل الأرض مثل خبث الحديد لا تنبت شيئا ولا تمرّ الدابّة بها، ويسميّه الناس الأخباث. وفي أعلى هذا الجبل السحاب والثلوج والأمطار دائمة، لا تكاد تقلع عنه في صيف ولا شتاء، والثلج لا يفارق أعلاه في الصيف. وأمّا في الشتاء فيعمّ الثلج أوّله وآخره.

وزعمت الروم أن كثيرا من الحكماء يرحلون إلى جزيرة صقلية للنظر إلى عجائب هذا الجبل واجتماع النار والثلج فيه، فترى بالليل نار عظيمة تشعل على قلّته، وبالنهار دخان عظيم لا يستطيع أحد الدنو إليها، فإن اقتبس منها طفئت إذا فارقت موضعها.

وبها البركان العظيم؛ قال أحمد بن عمر العذري: ليس في الدنيا بركان أشنع منه منظرا ولا أعجب مخبرا! فإذا هبّت الريح سمع له دويّ عظيم كالرعد القاصف، ويقطع من هذا البركان الكبريت الذي لا يوجد مثله.

وقال أيضا: بها آبار ثلاث يخرج منها من أوّل الربيع إلى آخره زيت النفط، فينزل في هذه الآبار على درج ويتقنّع النازل ويسدّ منخره، فإن تنفّس في أسفلها هلك من ساعته، يغترف ماءها ويجعله في اجّانات، فما كان نفطا علا فيجمع ويجعل في القوارير.

<<  <   >  >>