للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وابنه يحفظها بمرّتين، وغلامه يحفظها بثلاث مرّات، فربّما قرأ أحد على ممدوح قصيدة بحضوره فيقول: هذا الشعر لي! ويعيدها ثمّ يقول: وابني أيضا يحفظها، ثمّ يقول: وغلامي أيضا يحفظها.

اتّصل بسيف الدولة وقرأ عليه:

أجاب دمعي وما الدّاعي سوى طلل

فلمّا انتهى إلى قوله:

أقل أنل اقطع احمل سلّ علّ أعد … زدهشّ بشّ تفضّل ادن سرّ صل

أمر سيف الدولة أن يفعل جميع هذه الأوامر التي ذكرها فيقول المتنبي:

أمرّ إلى إقطاعه في ثيابه … على طرفه من داره بحسامه

حكى ابن جنّي عن أبي علي النسوي قال: خرجت من حلب فإذا أنا بفارس متلثّم قد أهوى نحوي برمح طويل سدّده في صدري، فكدت أرمي نفسي من الدابّة، فثنى السنان وحسر لثامه فإذا المتنبي يقول:

نثرت رؤوسا بالأحيدب منهم … كما نثرت فوق العروس دراهم

ثمّ قال: كيف ترى هذا البيت أحسن هو؟ قلت: ويحك قتلني! قال ابن جنّي: حكيت هذا بمدينة السلام لأبي الطيّب فضحك.

وحكى الثعالبي أن المتنبي لمّا قدم بغداد ترفع عن مدح الوزير المهلبي، ذهابا بنفسه إلى أنّه لا يمدح غير الملوك، فشقّ ذلك على الوزير فأغرى به شعراء بغداد في هجوه، ومنهم ابن سكّرة الهاشمي والحاتمي وابن لنكك، فلم يجبهم بشيء وقال: اني قد فرغت عن جوابهم بقولي لمن هو أرفع طبقة منهم في الشعر:

<<  <   >  >>