لم أدر حين كبا التّفكّر دونها … واستوهمت لعجيبها الأوهام
أقبور أملاك الأعاجم هنّ أم … طلّسم رمل كنّ أم أعلام
وزعم بعضهم أن الأهرام بمصر قبور ملوك عظام بها، آثروا أن يتميّزوا بها على سائر الملوك بعد مماتهم، كما تميّزوا عنهم في حياتهم، وأرادوا أن يبقى ذكرهم بسبب ذلك على تطاول الدهور.
وذكر محمّد بن العربي الملقّب بمحيي الدين: ان القوم كانوا على دين التناسخ، فاتّخذوا الأهرام علامة لعلّهم عرفوا مدّة ذهابهم ومجيئهم إلى الدنيا بعلامة ذلك.
ومن الناس من يزعم أن هرمس الأوّل الذي يسمّيه اليونانيّون أخنوخ بن يرد بن مهلائيل بن قينان بن انوش بن شيث بن آدم، ﵇، وهو إدريس، علم بطوفان نوح إمّا بالوحي أو بالاستدلال على ذلك من أحوال الكواكب، فأمر ببناء الأهرام وإيداعها الأموال وصحائف العلوم إشفاقا عليها من الدروس، واحتياطا عليها وحفظا لها.
ومن عجائب مصر أبو الهول. وهو صورة آدمي عظيمة مصنعة، وقد غطى الرمل أكثره. يقال: انّه طلسم للرمل لئلّا يغلب على كورة الجيزة، فإن الرمال هناك كثيرة شماليّة متكاثفة، فإذا انتهت إليها لا تتعدّاه، والمرتفع من الرمل رأسه وكتفاه. وهو عظيم جدّا، وصورته مليحة كأنّ الصانع الآن فرغ منه. وقد ذكر من رأى أن نسرا عشّش في أذنه وهو مصبوغ بالحمرة؛ قال ظافر الإسكندري:
تأمّل بنية الهرمين وانظر … وبينهما أبو الهول العجيب