مثلها، وعندهم من ذلك كثير جدّا، يحملونها إلى البلاد للبيع ويعلّقونها حتى يأكلوها طول شتائهم يتفكّهون بها.
وأهلها أحسن الناس صورة كلّهم أهل السنّة، لا يوجد فيهم إلّا كذلك.
وفيهم أدباء وفضلاء، ولهم اجتماع كلمة على دفع ظلم الولاة، لا يغلبهم وال، أي وقت رأوا منه خلاف عادة قاموا كلّهم قيام رجل واحد لدفعه.
ينسب إليها الشيخ أبو بكر الطاهري كان من الابدال، معاصر الشبلي. وله بأبهر رباط ينسب إليه، وفي رباطه سرداب يدخل فيه كلّ جمعة، ويخرج بأرض دمشق ويصلّي الجمعة بجامع دمشق، وهذا حديث مشهور عندهم. وذكروا أن رجلا تبعه ذات يوم فإذا هو بأرض لم يرها أبدا، والناس مجتمعون لصلاة الجمعة، فسأل بعضهم عن ذلك الموضع فضحك وقال: أنت في دمشق وتسأل عنها! فقام طالع المدينة فلمّا عاد لم يجد الشيخ هناك، فجعل ينادي ويقول للناس ما جرى له، فلا يصدقه أحد إلّا رجل صالح قال له: دع عنك هذا الجزع، وانتظره يوم الجمعة المستقبلة، فإذا حضر الشيخ ارجع معه! فلمّا حضر الشيخ في الجمعة الأخرى تمسّك بذيله فقال له: لا تذكر هذا لأحد وأنا آخذك معي! ثمّ أخذه معه وعاد به إلى مكانه، وهذه حكاية مشهورة عنه بأبهر.
وتنسب إليها سكينة الابهرية، كانت في زمن الشيخ أبي بكر. وينسب إليها الوزير الفاضل الكامل أبو عمرو، الملقّب بكمال الدين، كان حاله شبيها بحال إبراهيم بن أدهم، وكان وزيرا بقزوين، وكان رجلا لطيفا فطنا شاعرا بالعربيّة والعجميّة، محبّا لأهل الخير في زمان وزارته. فإذا في بعض الأيّام ركب في موكبه ومماليكه وحواشيه، فلمّا خرج عن المدينة قال لمماليكه: أنتم أحرار لوجه اللّه! ونزل عن الدابّة ولبس اللبّاد وذهب إلى بيت المقدس، وكان يحمل الحطب على ظهره، ثمّ عاد إلى الشام، وكان بها إلى أن توفّي في سنة تسعين وخمسمائة.