والمدينة الثالثة كان على بابها طبل معلّق، فإذا غاب إنسان من أهل تلك المدينة والتبس أمره ولم يعلم حيّ هو أم ميت، دقّوا ذلك الطبل على اسمه، فإن كان حيّا ارتفع صوته، وإن كان ميتا لم يسمع منه صوت البتّة.
والمدينة الرابعة كان فيها مرآة من حديد، فإذا غاب رجل عن أهله وأرادوا أن يعرفوا حاله التي هو فيها، أتوا تلك المرآة على اسمه ونظروا فيها فرأوه على الحالة التي هو فيها.
والمدينة الخامسة كان على بابها عمود من نحاس وعلى رأسه اوزّة من نحاس، فإذا دخلها جاسوس صاحت صيحة سمعها كلّ أهل المدينة، فعلموا أن جاسوسا دخل عليهم.
والمدينة السادسة كان بها قاضيان جالسان على طرف ماء، فإذا تقدّم إليهما خصمان قرآ شيئا وتفلا على رجليهما وأمراهما بالعبور على الماء، فغاص المبطل في الماء دون المحقّ.
والمدينة السابعة كانت بها شجرة كثيرة الأغصان، فإن جلس تحتها واحد أظلّته إلى ألف نفس، فإن زاد على الألف واحد صاروا كلّهم في الشمس.
وروي عن الأعمش أن مجاهدا كان يحبّ أن يسمع من الأعاجيب، ولم يسمع بشيء من الأعاجيب منها إلّا صار إليه وعاينه. فقدم أرض بابل فلقيه الحجّاج وسأله عن سبب قدومه، فقال: حاجة إلى رأس الجالوت! فأرسله إليه وأمره بقضاء حاجته، فقال له رأس الجالوت: ما حاجتك؟ قال: أن تريني هاروت وماروت! فقال لبعض اليهود: اذهب بهذا وأدخله إلى هاروت وماروت لينظر إليهما. فانطلق به حتى أتى موضعا ورفع صخرة، فإذا شبه سرب، فقال له اليهودي: انزل وانظر إليهما ولا تذكر اللّه! فنزل مجاهد معه فلم يزل يمشي به اليهودي حتى نظر إليهما، فرآهما مثل الجبلين العظيمين منكوسين على رأسيهما وعليهما الحديد من أعقابهما إلى ركبهما مصفّدين، فلمّا رآهما مجاهد لم يملك نفسه فذكر اللّه، فاضطربا اضطرابا شديدا حتى كادا يقطعان ما عليهما من