وعن محمّد بن إسماعيل قال: سمعت شابّا يقول: ضربت لأحمد ثمانين سوطا لو ضربت فيلا لهدته فجرى دمه تحت الخشب! ثمّ أمر بحبسه فانتشر ذكر ذلك واستقبح من الخليفة، وورد كتاب المأمون من طرسوس يأمر بإشخاص أحمد. فدعا المعتصم عند ذلك أحمد وقال للناس: أتعرفون هذا الرجل؟ قالوا:
نعم هو أحمد بن حنبل. قال: انظروا إليه ما به كسر ولا هشم. وسلّمه إليهم.
وحكى صالح بن أحمد قال: دخلت على أبي وبين يديه كتاب كتب إليه:
بلغني أبا عبد اللّه ما أنت فيه من الضيق، وما عليك من الدين، وقد بعثت إليك أربعة آلاف درهم على يد فلان، لا من زكاة ولا من صدقة وإنّما هي من إرث أبي! فقال أحمد: قل لصاحب هذا الكتاب: أمّا الدين فصاحبه لا يرهقنا ونحن نعافيه، والعيال في نعمة من اللّه. قال: فذهبت إلى الرجل وقلت له ما قال أبي، واللّه يعلم ما نحن فيه من الضيق. فلمّا مضت سنة قال: لو قبلناها لذهبت!
وحكى أحمد بن حرار قال: كانت أمّي زمنة عشرين سنة فقالت لي يوما:
اذهب إلى أحمد بن حنبل وسله أن يدعو اللّه لي. فذهبت ودققت الباب فقالوا:
من؟ قلت: رجل من ذاك الجانب، وسألتني أمّي الزمنة ان أسألك أن تدعو اللّه لها. فسمعت قائلا يقول: نحن أحوج إلى من يدعو اللّه لنا! فوليت منصرفا فخرجت عجوز من داره وقالت: أنت الذي كلّمت أبا عبد اللّه؟ قلت: نعم. قالت: تركته يدعو اللّه لها. فجئت إلى بيتي ودققت الباب، فخرجت أمّي على رجليها تمشي وقالت: قد وهب اللّه لي العافية.
وذكروا أن أحمد بن حنبل جعله المعتصم في حلّ يوم قتل بابك الخرّمي أو يوم فتح عمورية. وتوفي أحمد سنة إحدى وأربعين ومائتين عن تسع وسبعين سنة.
وحكى أبو بكر المروزي قال: رأيت أحمد بن حنبل بعد موته في المنام في روضة، وعليه حلّتان خضراوان وعلى رأسه تاج من نور، وهو يمشي مشيا