وحكى الحسن بن مروان قال: رأيت بشرا الحافي في المنام بعد موته فقلت له:
أبا نصر ما فعل اللّه بك؟ فقال: غفر لي ولكلّ من تبع جنازتي! وكانت جنازته قد رفعت أوّل النهار، فما وصل إلى القبر إلّا وقت العشاء لكثرة الخلق. وقال لي خزيمة: رأيت أحمد بن حنبل في المنام فقلت له: ما فعل اللّه بك؟ قال:
غفر لي وتوّجني وألبسني نعلين من ذهب! قلت: فما فعل اللّه ببشر؟ قال:
بخ بخ! من مثل بشر تركته بين يدي الخليل وبين يديه مائدة الطعام، والخليل مقبل عليه وهو يقول له: كل يا من لم يأكل، واشرب يا من لم يشرب، وأنعم يا من لم ينعم! وقال غيره: رأيت بشرا الحافي في المنام فقلت: ما فعل اللّه بك؟ قال: غفر لي وقال يا بشر أما استجبت مني وكنت تخافني كلّ ذلك الخوف؟ ورآه غيره فقال له: ما فعل اللّه بك؟ فقال: قال لي يا بشر لقد توفيتك يوم توفيتك وما على وجه الأرض أحبّ إليّ منك!
وينسب إليها أبو عبد اللّه الحرث بن أسد المحاسبي. كان عديم النظير في زمانه علما وورعا وحالا. كان يقول: ثلاثة أشياء عزيزة: حسن الوجه مع الصيانة، وحسن الخلق مع الديانة، وحسن الإجابة مع الأمانة، مات أبوه أسد المحاسبي وخلّف من المال ألوفا ما أخذ الحرث منه حبّة، وكان محتاجا إلى دانق، وذاك لأن أباه كان رافضيّا. فقال الحرث: أهل ملّتين لا يتوارثان!
وحكى الجنيد: ان المحاسبي اجتاز بي يوما فرأيت أثر الجوع في وجهه، فقلت: يا عمّ لو دخلت علينا ساعة! فدخل فعمدت إلى بيت عمّي، وكان عندهم أطعمة فاخرة، فجئت بأنواع من الطعام ووضعته بين يديه. فمدّ يده وأخذ لقمة رفعها إلى فيه يلوكها ولا يزدردها، ثمّ قام سريعا ورمى اللقمة في الدهليز وخرج ما كلّمني. فلمّا كان الغد قلت: يا عمّ سررتني ثمّ نغّصت عليّ! فقال: يا بنيّ أمّا الفاقة فكانت شديدة، وقد اجتهدت أن أنال من الطعام الذي جعلته بين يديّ. ولكن بيني وبين اللّه علامة، وهي أن الطعام إذا لم يكن