للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحكي أن إبراهيم كان ناطورا في بستان بأجرة، فإذا هو نائم وحيّة تروحه بطاقة نرجس. وجاءه رجل جندي يطلب منه شيئا من الثمرة، وهو يقول: أنا ناطور ما أمرني صاحب البستان ببذل شيء منها! فجعل الجندي يضربه وهو يقول: اضرب على رأس طالما عصى اللّه تعالى! توفي سنة إحدى وستّين ومائة.

وينسب إليها أبو عليّ شقيق بن إبراهيم البلخي من كبار مشايخ خراسان، أستاذ حاتم الأصمّ. وكان أوّل أمره رجلا تاجرا سافر إلى بلاد الهند. دخل بيتا من بيوت الأصنام فرأى رجلا حلق رأسه ولحيته يعبد الصنم فقال له: ان لك إلها خالقا رازقا فاعبده ولا تعبد الصنم، فإنّه لا يضرّ ولا ينفع! فقال عابد الصنم:

إن كان كما تقول فلم لا تقعد في بيتك وتتعب للتجارة، فإنّه يرزقك في بيتك؟ فتنبّه شقيق لقوله وأخذ في طريق الزهد.

وحكي أن أهله شكت إليه من الفاقة فقام يظهر أنّه يمشي إلى شغل الطين ودخل بعض المساجد وصلّى إلى آخر النهار وعاد إلى أهله وقال: عملت مع الملك فقال اعمل أسبوعا حي أوفيك أجرتك دفعة واحدة. وكان كلّ يوم يمشي إلى المسجد ويصلّي، فلمّا كان اليوم السابع قال في نفسه: لو لم يكن اليوم معي شيء تخاصمني أهلي! فأجر نفسه من شخص ليعمل له يومه وأهله تنتظر مجيئه آخر النهار بأجرة الأيّام، إذ دقّ الباب أحد وقال: بعثني الملك بأجرة الأيّام التي عمل له فيها شقيق، ويقول لشقيق: ما الذي صدّك عنّا حتى اشتغلت اليوم بشغل غيرنا؟ فذهبت المرأة إليه فسلّم إليها صرّة فيها سبعون دينارا.

وحكى حاتم الأصمّ أن علي بن عيسى بن ماهان كان أمير بلخ، وكان يحبّ كلاب الصيد، ففقد كلب من كلابه يوما، فاتّهم به جار شقيق فاستجار به، فدخل شقيق على الأمير وقال: خلّوا سبيله فإني أردّ لكم كلبكم إلى ثلاثة أيّام.

فخلّوا سبيله فانصرف شقيق مهتمّا لما صنع، فلمّا كان اليوم الثالث كان رجل من أهل بلخ غائبا، وكان من رفقاء شقيق، وكان لشقيق فتى، وهو رفيقه، رأى في الصحراء كلبا في رقبته قلادة فقال: أهديه إلى شقيق. فحمله إليه فإذا

<<  <   >  >>