عذراء وولد له من كلّ واحدة ذكر وأنثى، فلمّا كثر أولاده طغى وبغى، وكان يقعد في أعالي قصره مع نسائه، لا يمرّ به أحد إلّا قتله كائنا من كان، حتى كثر قتلاه فأهلكه اللّه تعالى مع قومه بصيحة من السماء، وبقي القصر خرابا لا يجسر أحد على دخوله لأنّه ظهر فيه شجاع عظيم، وكان يسمع من داخله أنين كأنين المرضى، وقد أخبر اللّه تعالى عنهم وأمثالهم بقوله: فكأيّن من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطّلة وقصر مشيد، والبئر المعطّلة كانت بعدن، سنذكرها إن شاء اللّه تعالى.
وبها قبر هود النبيّ، ﵇؛ قال كعب الأحبار: كنت في مسجد رسول اللّه، ﷺ، في خلافة عثمان، ﵁، فإذا برجل قد رمقه الناس لطوله، فقال: أيّكم ابن عمّ محمّد؟ قالوا: أيّ ابن عمّه؟ قال: ذاك الذي آمن به صغيرا، فأومأوا إلى عليّ بن أبي طالب، ﵁، قال عليّ: ممّن الرجل؟ فقال: من اليمن من بلاد حضرموت. فقال عليّ: أتعرف موضع الأراك والسدرة الحمراء التي يقطر من أوراقها ماء في حمرة الدم؟ فقال الرجل: كأنّك سألتني عن قبر هود، ﵇؟ فقال عليّ: عنه سألتك فحدّثني، فقال: مضيت في أيّام شبابي في عدّة من شبّان الحيّ نريد قبره، فسرنا إلى جبل شامخ فيه كهوف ومعنا رجل عارف بقبره حتى دخلنا كهفا، فإذا نحن بحجرين عظيمين قد أطبق أحدهما على الآخر، وبينهما فرجة يدخلها رجل نحيف، وكنت أنا أنحفهم، فدخلت بين الحجرين فسرت حتى وصلت إلى فضاء، فإذا أنا بسرير عليه ميت وعليه أكفان كأنّها الهواء، فمسست بدنه فكان علبا، وإذا هو كبير العينين مقرون الحاجبين واسع الجبهة أسيل الحدّ طويل اللحية، وإذا عند رأسه حجر على شكل لوح عليه مكتوب: لا إله إلّا اللّه، محمّد رسول اللّه، وقضى ربّك ألّا تعبدوا إلّا إيّاه وبالوالدين إحسانا، أنا هود بن الحلود بن عاد رسول اللّه إلى بني عاد بن عوض ابن سام بن نوح، جئتهم بالرسالة وبقيت فيهم مدّة عمري فكذّبوني، فأخذهم