وأكبر ما فيها قلعة يقال لها فيروزكوه، وحكى الأمير عماد الدين والي بلخ أن بأرض الغور عينا يذهب الناس إليها في ليلة من السنة معلومة بقسيّ وسهام، ويرمي كلّ واحد إليها نشّابة وعليها علامة، فإذا أصبحوا وجدوا النشابات خارجة من العين، وعلى نصل بعضها رؤوس الحيوانات من الذهب، إمّا رأس طير أو سمك أو إوزّ أو حيوان آخر، وبعض الناس لا يصيب على نشابه شيئا، واللّه أعلم بصحّته في ذلك، والعهدة على الراوي.
وبها السمندل، وهو حيوان كالفأر يدخل النار ولا يحترق، ويخرج والنار قد أزالت وسخه وصفّت لونه وزادته بريقا. يتّخذ من جلده مناديل الغمر للملوك، فإذا توسّخت تلقى في النار ليزول وسخها.
ينسب إليها أبو الفتح محمّد بن سام الملقّب بغياث الدين. كان ملكا عالما عادلا مظفّرا في جميع وقائعه، وحروبه كانت مع كفّار خطّاء. وكان كثير الصدقات جوادا شافعيّ المذهب، وقد بنى مدارس ورباطات وكتب بخطّه المصاحف وقفها عليها. وكان من عادته إذا مات غريب في بلده لا يتعرّض لتركته حتى يأتي وارثه ويأخذها. وكان أوّل أمره كراميّ المذهب وفي خدمته أمير عالم عاقل ظريف شاعر، يقال له مباركشاه الملقّب بعزّ الدين، علم أن هذا الملك الجليل القدر على اعتقاد باطل، وكان يأخذه الغبن لأنّه كان محسنا في حقّه، وكان في ذلك الزمان رجل عالم فاضل ورع يقال له محمّد بن محمود المروروذي، الملقّب بوحيد الدين، عرّفه إلى الملك وبالغ في حسن أوصافه حتى صار الملك معتقدا فيه، ثمّ ان الرجل العالم صرفه عن ذلك الاعتقاد الباطل وصار شافعي المذهب.
وينسب إليها أبو المظفّر محمّد بن سام الملقّب بشهاب الدين. كان ملكا عادلا حسن السيرة. كان يقعد حتى يفصل قاضيه الحكومات بحضوره. ومن مات أو قتل من مماليكه وعليه دين لا يقطع معيشته حتى يستوفى الدين. وحكي أن صبيّا علويّا لقيه في طريقه وقال له: إني منذ خمسة أيّام ما أكلت شيئا!