بنان: خذ وثيقتك وأطعم الحلاوى صبيانك. توفي بمصر سنة ستّ عشرة وثلاثمائة.
وحكي انّه احتاج إلى جارية تخدمه، فانبسط مع إخوانه فجعلوا له ثمن جارية وقالوا: إذا جاء السّفر تكون معه جوار نشتري لك منهم جارية. فلمّا جاء السّفر ومعه جوار اجتمعوا على واحدة وقالوا: انّها صالحة له. فقالوا لصاحبها: بكم تبيعها؟ فقال: انّها ليست للبيع. فألحّوا عليه فقال: إنّها لبنان الحمال، بعثتها له امرأة من سمرقند، فحملت إلى بنان وذكرت له القصّة.
وينسب إليها يزيد بن هارون. كان عالما عابدا مقرئا محدّثا. قال: سافرت عن أهلي في طلب الحديث سنين كثيرة، فلمّا عدت إلى بغداد سمعت أن بعسكر أحد التابعين، فمشيت إليه فقال: حدّثني أنس بن مالك، ﵁، عن رسول اللّه،ﷺ: من ابتلاه اللّه ببلاء فليصبر ثمّ ليصبر ثمّ ليصبر! وقال: ما أحدّثك غير هذا. قال: فعدت إلى واسط ووصلت ليلا، ووقفت على بابي، كرهت دقّ الباب كراهة انزعاج القوم، فعالجت فتح الباب ودخلتها. وكان أهلي على السطح فصعدت السطح فوجدت زوجتي نائمة وبجنبها شابّ، فأخذت حجرا وقصدت أضرب به فتذكّرت الحديث الذي سمعت من العسكري، ثمّ قصدت ثانيا وثالثا فتذكّرت الحديث ثانيا وثالثا، فانتبهت زوجتي فلمّا رأتني أيقظت الشاب وقالت: قم إلى أبيك! إني تركتها حاملا فعلمت أن ذلك من بركة حديث العسكري.
وحكي أنّه رئي في النوم بعد موته فقيل له: ما فعل اللّه بك؟ قال: غفر لي.
قيل: بأيّ شيء؟ قال: بالقرآن والحديث ودعاء السحر. فقيل له: هل أخذ عليك شيئا؟ قال: نعم، قال لي تروي الحديث عن حريز بن عثمان وهو يبغض عليّ بن أبي طالب. وأتاني الملكان وقالا: من ربّك؟ قلت: أنا يزيد بن هارون، أما تريان هذه اللحية البيضاء؟ تسألاني عن الذي كنت أدعو الناس إليه سبعين سنة! فقالا: نم نومة العروس التي لا يوقظها إلّا من هو أحبّ إليها.