في طيب هوائها وبرودة مائها، وكثرة فواكهها وأنواع رياحينها؛ قال محمّد ابن بشّار:
ولقد أقول تيامني وتشامي … وتواصلي ديما على همذان
فإذا تبجّست الثّلوج تبجّست … عن كوثر شبم وعن حيوان
بلد نبات الزّعفران ترابه … وشرابه عسل بماء قنان
فكسا الرّبيع بلادها من روضة … يفترّ عن نفل وعن حوذان
حتى تعانق من خزاماه الّذي … بالجلهتين شقائق النّعمان
بها ناحية ماوشان، وهي كورة بقرب همذان. فراسخ في فراسخ يمشي إليها أهل همذان أوان الصيف وقت إدراك المشمش.
وحكي أن أعرابيّا أقام بهمذان سنين فسئل عن همذان فقال: أقمت بها سبعا كانوا يقولون الصيف يجيء وما جاء، وذلك لأن الأعرابي رأى صيف الحجاز وصيف همذان يكون مثل شتاء الحجاز.
وحكى عبد القاهر بن حمزة الواسطي صفة همذان في الشتاء فقال: خصّ اللّه همذان في الشتاء من اللعن بأوفره ومن الطرد بأكثره، فما أكدر هواءها وأشدّ بردها وأذاها وأكثر مؤونتها وأقلّ منفعتها! سلّط اللّه تعالى عليها الزمهرير الذي أعدّه للكفّار والعتاة من أهل النار، فإذا هاجت الرياح العواصف وحدثت البروق والرعود القواصف وقعت الثلوج والدمق، وعمّ الاضطراب والقلق، وانقطعت السبل وعمّ طرقاتها الوحل، فترى وجوه أهلهم متشقّقة وشعورهم من البرد متفتّقة، وأنوفهم سائلة وحواسهم زائلة، وأطرافهم خضرة وروائحهم قذرة، ولحاهم دخانية وألوانهم باذنجانيّة. وهم في في شتائهم في الأليم من العذاب والوجيع من الحظّ والعقاب. وأيّ عذاب أشدّ من مقاساة العدوّ الحاصر والكلب الكلب الحاضر؟ قال أحمد بن بشّار يصف همذان: