أسدا من صخر ونصبه طلسما للبرد وبنى مدينة همذان.
وقال غيره: إنّه من عمل بليناس صاحب الطلسمات حين طلبه قباذ ليطلسم بلاده، وكان الفارس يغرق في الثلج بهمذان، فلمّا عمل هذا الأسد قلّ ثلجها.
وقالوا: عمل على يمين الأسد طلسما للحيّات فقلّت، وآخر للعقارب فنقصت، وآخر للبراغيث فهي قليلة بها جدّا؛ قال ابن حاجب يذكر الأسد:
ألا أيّها اللّيث الطّويل مقامه … على نوب الأيّام والحدثان
أقمت فما تنوي البراح بحيلة … كأنّك بوّاب على همذان
أراك على الأيّام تزداد جدّة … كأنّك منها آخذ بأمان
أقبلك كان الدّهر أم كنت قبله … فنعلم أم ربّيتما بلبان؟
بقيت فما تفنى وآمنت عالما … سطا بهم موت بكلّ مكان
فلو كنت ذا نطق جلست محدّثا … تحدّثنا عن أهل كلّ زمان
ولو كنت ذا روح تطالب مأكلا … لأفنيت أكلا سائر الحيوان
أحبّبت شرّ الموت أم أنت منظر … وإبليس حتى يبعث الثّقلان؟
فلا هرما تخشى ولا الموت تتّقي … بمضرب سيف أو شباة سنان
وحكي انّه لمّا كان سنة تسع عشرة وثلاثمائة، عصى أهل همذان على مرداويج الديلمي، وكان صاحب الجبال، فدخل همذان ونهبها، وسأل عن الأسد فقيل: انّه طلسم لدفع الآفات عن المدينة. فأراد حمله إلى الري فلم يتمكّن من ذلك، فأمر بكسر يديه بالفطّيس. وقيل: إنّما كسر يديه لأن الدوابّ كانت تنفر منه.
وحكي أن المكتفي باللّه نظر إليه فاستحسنه، فأمر بنقله على عجلة تجرّها الفيلة إلى بغداد، فهمّ عامل البلد بذلك، فاجتمع وجوه تلك البلاد وقالوا:
هذا طلسم لبلدنا من آفات كثيرة. فكتب العامل بذلك إلى الخليفة وصعب عليه بعثه فعفا عنهم.