فأردنا أن نمضي باللّوح إلى معاوية لينظر إليه، فلمّا ولّينا وقفت القردة كلّها أمامنا وحاصرتنا، وضجّت ضجّة فرددنا اللوح إليها، فأخذته واقتحمت الماء وعادت إلى الجزيرة.
ومن عجائب اليمن ما ذكر ابن فنجويه أن بأرض عاد تمثالا على هيئة فارس.
ومياه تلك الأرض كلّها ملحة، فإذا دخلت الأشهر الحرم يفيض من ذلك التمثال ماء كثير عذب، لا يزال يجري إلى انقضاء الأشهر الحرم، وقد تطفّحت حياضهم من ذلك الماء فيكفيهم إلى تمام السنة؛ قال الشاعر:
وبأرض عاد فارس يسقيهم … بالعين عذبا كالفرات السّائح
في الأشهر الحرم العظيمة قدرها … يغنون عن شرب الزّعاق المالح
فإذا انقضى الشّهر الحرام تطفّحت … تلك الحياض بماء عين السّافح
وبها جبل الشّبّ، وعلى رأس هذا الجبل ماء يجري من كلّ جانب، وينعقد حجرا قبل أن يصل إلى الأرض، والشبّ اليماني الأبيض من ذلك.
وبها جبل شبام؛ قال محمّد بن أحمد بن إسحاق الهمذاني: إنّه جبل عظيم بقرب صنعاء، بينها وبينه يوم واحد، وهو صعب المرتقى ليس إليه إلّا طريق واحد، وذروته واسعة فيها ضياع كثيرة ومزارع وكروم ونخيل، والطريق إليها في دار الملك، وللجبل باب واحد مفتاحه عند الملك، فمن أراد النزول إلى السهل استأذن الملك حتى يأذن بفتح الباب له، وحول تلك الضياع والكروم جبال شاهقة لا تسلك ولا يعلم أحد ما وراءها إلّا اللّه. ومياه هذا الجبل تنكسب إلى سدّ هناك، فإذا امتلأ السدّ ماء فتح ليجري إلى صنعاء ومخاليفها.
وبها جبل كوكبان، إنّه بقرب صنعاء عليه قصران مبنيان بالجواهر، يلمعان بالليل كالكوكبين ولا طريق إليهما. قيل: إنّهما من بناء الجنّ.
وبها نهر اليمن؛ قال صاحب تحفة الغرائب: بأرض اليمن نهر عند طلوع الشمس يجري من المشرق إلى المغرب، وعند غروبها من المغرب إلى المشرق.