للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مالا وأهون أمرا من أن نرفعه إليك! وإنّه ليرعى إبلنا حقين بين أظهرنا! فقال له عمر: إن ابن أخيك هذا عزمنا! قال: نعم. قال: فأين يصاب؟ قال: بأراك عرفات.

فركب عمر وعليّ سراعا إلى عرفات فإذا هو قائم يصلّي إلى شجرة والإبل حوله ترعى، فأقبلا إليه وقالا: السلام عليك ورحمة اللّه وبركاته! فردّ عليهما جواب السلام. قالا له: من الرجل؟ قال: راعي إبل وأجير قوم! قالا:

ما اسمك؟ قال: عبد اللّه. قالا: اسمك الذي سمّتك أمّك به؟ قال: يا هذان ما تريدان إليّ؟ قالا: وصف لنا رسول اللّه، ، أويسا القرني وقد عرفنا الصهوبة والشهولة، أخبرنا أن تحت منكبك الأيسر لمعة بيضاء أوضحها لنا. فأوضح منكبه، فإذا اللمعة فابتدار يقبّلانه وقالا: نشهد أنّك أويس القرني! فاستغفر لنا يغفر اللّه لك! فقال: ما أخصّ باستغفاري نفسي ولا أحدا من ولد آدم، ولكنّه من في البحر والبرّ من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات. يا هذان، قد شهر اللّه لكما حالي وعرّفكما أمري فمن أنتما؟ قال عليّ: أمّا هذا فعمر أمير المؤمنين، وأمّا أنا فعليّ بن أبي طالب!

فاستوى أويس وقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة اللّه وبركاته، وعليك يا عليّ بن أبي طالب، فجزا كما اللّه عن هذه الأمّة خيرا! قالا: وأنت جزاك اللّه عن نفسك خيرا! فقال له عمر: مكانك يرحمك اللّه، حتى أدخل مكّة وآتيك بنفقة من عطائي وفضل كسوة من ثيابي، هذا المكان ميعاد بيني وبينك. فقال: يا أمير المؤمنين لا ميعاد بيني وبينك، لا أراك بعد اليوم تعرفني، ما أصنع بالنفقة وما أصنع بالكسوة؟ أما ترى عليّ إزارا ورداء من صوف متى تراني أبليهما؟ أما ترى أني أخذت رعائي أربعة دراهم متى تراني آكلها؟ يا أمير المؤمنين، إن بين يديّ ويديك عقبة كؤودا لا يجاوزها إلّا ضامر مخفّ مهزول! فلمّا سمع عمر ذلك ضرب بدرّته الأرض ثمّ قال بأعلى صوته:

يا ليت عمر لم تلده أمّه! يا ليتها كانت عاقرا لم تعالج حملها! قال: يا أمير

<<  <   >  >>