للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البحر له. وكانوا يحملون إليه من الهدايا كلّ شيء نفيس، وكان له من الوقوف ما يزيد على عشرة آلاف قرية.

ولهم نهر يعظّمونه، بينه وبين سومناة مائتا فرسخ، يحمل ماؤها إلى سومناة كلّ يوم ويغسل به البيت، وكانت سدنته ألف رجل من البراهمة لعبادته وخدمة الوفود، وخمسمائة أمة يغنين ويرقصن على باب الصنم، وكلّ هؤلاء كانت أرزاقهم من أوفاف الصنم، وأمّا البيت فكان مبنيّا على ستّ وخمسين سارية من الساج المصفح بالرصاص، وكانت قبّة الصنم مظلمة وضوءها كان من قناديل الجوهر الفائق، وعنده سلسلة ذهب وزنها مائتا منّ، كلّما مضت طائفة من الليل حركت السلسلة فتصوت الأجراس فتقوم طائفة من البراهمة للعبادة.

حكي أن السلطان يمين الدولة، محمود بن سبكتكين، لمّا غزا بلاد الهند سعى سعيا بليغا في فتح سومناة وتخريبها، طمعا بدخول الهند في الإسلام، فوصل إليها منتصف ذي القعدة سنة ستّ عشرة وأربعمائة، فقاتل الهنود عليها أشدّ القتال، وكان الهند يدخلون على سومناة ويبكون ويتضرّعون، ثمّ يخرجون إلى القتال فقوتلوا حتى استوعبهم الفناء، وزاد عدد القتلى على خمسين ألفا، فرأى السلطان ذلك الصنم وأعجبه أمره وأمر بنهب سلبه وأخذ خزانته، فوجدوا أصناما كثيرة من الذهب والفضّة وستورا مرصعة بالجواهر، كلّ واحد منها بعث عظيم من عظماء الهند. وكانت قيمة ما في بيوت الأصنام أكثر من عشرين ألف دينار.

ثمّ قال السلطان لأصحابه: ماذا تقولون في أمر هذا الصنم ووقوفه في الهواء بلاد عماد وعلاقة؟ فقال بعضهم: إنّه علّق بعلاقة وأخفيت العلاقة عن النظر، فأمر السلطان شخصا أن يذهب إليه برمح، ويدور به حول الصنم وأعلاه وأسفله، ففعل وما منع الرمح شيء. وقال بعض الحاضرين: إني أظنّ أن القبّة من حجر المغناطيس، والصنم من الحديد، والصانع بالغ في تدقيق صنعته، وراعى تكافؤ قوّة المغناطيس من الجوانب، بحيث لا تزيد قوّة جانب على الجانب الآخر، فوقف

<<  <   >  >>