وأنشد إسحاق الموصلىّ يمدح أبا عبيدة ويعرّض بالأصمعىّ، بقوله للفضل ابن الربيع:
عليك أبا عبيدة فاصطنعه ... فإن العلم عند أبى عبيده
فقدّمه وآثره علينا ... ودع عنك القريد بن القريده
قال أبو عبيدة: أدخلت على الرشيد فقال لى: يا معمر؛ بلغنى أن عندك كتابا حسنا فى صفة الخيل، أحبّ أن أسمعه منك، فقال الأصمعىّ: ما نصنع بالكتب؛ يحضر فرس، ونضع أيدينا على عضو عضو ونسمّيه، ونذكر ما فيه، فقال الرشيد: يا غلام، فرس. فأحضر فرس، فقام الأصمعىّ وجعل يده على عضو عضو ويقول: هذا كذا قال فيه الشاعر كذا؛ حتى انقضى قوله، فقال لى الرّشيد: ما تقول فيما قال؟ قال: قلت: قد أصاب فى بعض وأخطأ فى بعض؛ فالذى أصاب فيه تعلّمه منى، والذى أخطأ فيه لا أدرى من أين أتى به!.
وزعم الباهلىّ صاحب كتاب المعانى أن طلبة العلم كانوا إذا أتوا مجلس الأصمعىّ اشتروا البعر فى سوق الدّر، وإذا أتوا أبا عبيدة اشتروا الدّرّ فى سوق البعر؛ والمعنى أن الأصمعىّ كان حسن الإنشاد والزّخرفة لردىء الأخبار والأشعار حتى يحسن عنده القبيح، وإن الفائدة عنده مع ذلك قليلة، وإن أبا عبيدة كان معه سوء عبارة، وفوائد كثيرة، والعلوم عنده جمّة.
وتكلّم أبو عبيدة يوما فى باب من العلم، ورجل يكسر عينه حياء له يوهمه أنه يعلم ما يقول، فقال أبو عبيدة: