للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فامتطى غارب الأمل إلى الغربة، وركب ركب التّطواف مع كلّ صحبة، قاطع الأغوار والأنجاد، حتى بلغ السدّ أوكاد، فلم يصحب له دهره الحرون [١]، ولا رقّ له زمانه المفتون.

إنّ الليالى والأيام لو سئلت ... عن عيب أنفسها لم تكتم الخبرا

فكأنه في جفن الدهر قذى، أو [٢] فى حلقه شجا، يدافعه بنيل الأمنيّة، حتى أسلمه إلى ربقة المنية.

لا يستقرّ بأرض أو يسير إلى ... أخرى بشخص قريب عزمه ناءى [٣]

يوما بحزوى، ويوما بالعقيق [٤]، ويو ... ما بالعذيب، ويوما بالخليصاء

وتارة ينتحى نجدا، وآونة ... شعب الحزون، وحينا قصر تيّماء [٥]

وهيهات مع حرفة الأدب، بلوغ وطر أو إدراك أرب. ومع عبوس الحظّ، ابتسام الدهر الفظّ.

ولم أزل مع الزّمان في تفنيد وعتاب، حتى رضيت من الغنيمة بالإياب [٦]، والمملوك مع ذاك يدافع الأيام ويزجيها، ويعلّل العيشة ويرجّيها، متلفّعا بالقناعة


[١] ابن خلكان: «الخئون»، وأصحب، أى انقاد.
[٢] ابن خلكان: «وفي حلقة».
[٣] معجم البلدان ٣: ٤٦١، ونسبها إلى عبد الله بن أحمد بن الحارث، شاهر بنى عباد.
[٤] معجم البلدان: «يوم بحزوى ويوم.».
[٥] معجم البلدان: «شعب العقيق».
[٦] قوله: «رضيت من الغنيمة من الإياب»، مثل ضمنه امرؤ القيس في قوله:
وقد طوفت في الآفاق حتى ... رضيت من الغنيمة بالإياب
ديوانه ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>