للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعفاف، مشتملا [١] بالنّزاهة والكفاف، غير راض بذلك السّمل [٢]، لكن مكره أخوك لا بطل [٣]، متسّليا بإخوان قد ارتضى خلائقهم، وأمن بوائقهم، عاشرهم بالألطاف، ورضى منهم بالكفاف، لا خيرهم يرتجى، ولا شرهم يتّقى.

إن كان لا بدّ من أهل ومن وطن ... فحيث آمن من ألقى ويأمننى

قد زمّ [٤] نفسه عن أن يستعمل طرفا [٥] طمّاحا، وأن يركب طرفا جمّاحا، أو أن يلحف بيض طمع جناحا [٧]، أو أن يستقدح زندا واريا أو شحاحا [٨].

وأدّبنى الزّمان فما أبالى ... هجرت فلا أزار ولا أزور

ولست بقائل ما عشت يوما ... أسار الجند أم رحل الأمير

وكان المقام بمرو الشاهجان [٩]، المفسّر عندهم بنفس السّلطان، فوجد بها من كتب العلوم والآداب، وصحائف أولى الأفهام والألباب، ما شغله عن الأهل والوطن، وألهاه [١٠] عن كلّ خلّ صفىّ وسكن؛ فظفر منها بضالّته المنشودة، وبغية نفسه


[١] كذا في ب وابن خلكان.
[٢] السمل: جمع سملة، القليل من الماء.
[٣] مكره أخوك لا بطل، مثل وأول من قاله أبو حنش، خال بيهس الملقب بنعامة. وانظر الميدانى ١: ١٥٢.
[٤] ابن خلكان: «ألزم».
[٥] طرف طماح: بعيد النظر.
[٦] الطرف بالكسر: الجواد من الخيل.
[٧] ألحف البيض، أى غطاه.
[٨] الشحاح: الزند لا يورى.
[٩] مرو الشاهجان، هى مرو العظمى، أشهر مدن خراسان وقصبتها. وفي معجم البلدان: «وأما الشاهجان فهى فارسية، معناها نفس السطان، لأن الجان هى النفس أو الروح. والشاه هو السلطان، سميت بذلك لجلالتها عندهم».
[١٠] كذا في ابن خلكان، وفي الأصلين: «اللهسنة»، ويبدو أنه تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>