للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففازوا، واشتغل أصحاب الحديث بالحديث ففازوا، واشتغلت أنا بزيد وعمرو، فليت شعرى ماذا يكون حالى فى الآخرة! فانصرفت من عنده، فرأيت تلك الليلة النبىّ صلى الله عليه وسلم فى المنام، فقال لى: أقرئ أبا العباس عنى السّلام، وقل له:

إنك صاحب العلم المستطيل.

قال أبو عبد الله الروذبارىّ «١»، العبد الصالح، رضى الله [عنه]: أراد أنّ الكلام به يكمل، والخطاب به يجمل، وأنّ جميع العلوم مفتقرة إليه.

مات أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب- رحمه الله- يوم السبت لثلاث عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين ومائتين، وكان مولده سنة مائتين، ودفن فى مقبرة باب الشام، وقبره هناك ظاهر معروف.

وسئل الرياشىّ حين انصرف من بغداذ إلى البصرة فقال: ما رأيت فيهم أعلم من الغلام المنبّز «٢» (أعنى ثعلبا).

وكان ثعلب يدرس كتب الفرّاء والكسائىّ درسا، فلم يكن يعلم مذهب البصريين، ولا مستخرجا للقياس، ولا طالبا له؛ وكان يقول: قال الفرّاء، وقال الكسائىّ؛ فإذا سئل عن الحجة والحقيقة لم يأت بشىء.

وكان ختنه أبو علىّ «٣» الدينورىّ زوج ابنته يخرج من منزله وهو جالس على باب داره يتخطّى أصحابه، ويمضى ومعه محبرته؛ يقرأ كتاب سيبويه على المبرّد فيعاتبه ثعلب على ذلك ويقول له: إذا رآك الناس تمضى إلى هذا الرجل وتقرأ عليه يقولون ماذا؟ فلم يكن يلتفت إلى قوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>