وقال إسحاق بن إبراهيم: قال لى الأصمعىّ ونحن نريد الرقّة «١» مع الرشيد:
كم حملت معك من كتبك؟ قلت: خفّفت، فحملت ثمانية عشر صندوقا، فقال لى: أو هذا تخفيف! هذا نهاية التثقيل.
وقال عمر بن شبّة: ما رأيت مثل إسحاق بن إبراهيم قطّ، قال: وسألته عمّا عنده من الكتب فقال: عندى مائة قمطر.
وقال أحمد بن أبى خيثمة: كان «٢» أبى ويحيى بن معين يجلسان بالعشيّات إلى مصعب الزبيرىّ، وكنت أحضر، فمرّبنا رجل على حمار فاره «٣»، فسلّم ووقف، فقالوا له: إلى أين يا أبا الحسن؟ قال: إلى من يملأ أسماعنا علما وأكمامنا دنانير، فقال له يحيى: من هو؟ قال: إسحاق الموصلىّ. قال يحيى: ذلك والله أصحّ الناس سماعا، وأصدقهم لهجة «٤»، فسألت عن الرجل، فإذا هو المدائنىّ «٥».
ومدح إسحاق الرشيد يوما بشعر؛ منه:
وآمرة بالبخل قلت لها اقصرى ... فذلك شىء ما إليه سبيل
وكيف أخاف الفقر أو أحرم الغنى ... ورأى أمير المؤمنين جميل
فقال: لا كيف إن شاء الله، ثم التفت إلى الفضل بن الربيع، فقال: أبا العباس «٦»، أعطه مائة ألف درهم، فلله درّ أبيات تأتينا بها، ما أحكم أصولها، وأحسن