إلىّ أبا زيد. فجاءه، فجعلا يتناشدان الأشعار، فقال بعض أصحاب الحديث:
يا أبا بسطام، نقطع إليك ظهور الإبل لنسمع منك حديث رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- فتدعنا وتقبل على الأشعار! قال: فرأيت شعبة قد غضب غضبا عليه وسلّم- فتدعنا وتقبل على الأشعار! قال: فرأيت شعبة قد غضب غضبا شديدا؛ ثم قال: يا هؤلاء، أنا أعلم بالأصلح لى. أنا والله الذى لا إله إلا هو فى هذا أسلم منى فى ذاك! قال أبو زيد: لقيت أبا حنيفة، فحدّثنى بحديث فيه:«يدخل الجنة قوم حفاة عراة منتنين قد أحمشتهم النار»، فقلت له:«منتنون قد محشتهم «١» النار».
فقال: ممّن «٢» أنت؟ قلت: من أهل البصرة، قال: كل أصحابك مثلك؟ قلت:
أنا أخسّهم حظّا فى العلم، فقال: طوبى لقوم تكون أخسّهم! وسرق أصحاب الحديث نعل أبى زيد، فكان إذا جاء أصحاب الشعر والعربية والأخبار رمى بثيابه ولم يتفقدها، وإذا جاء أصحاب الحديث جمعها كلها، وجعلها بين يديه وقال: ضمّ يا ضمّام، واحذر لا تنام.
مات أبو زيد الأنصارى سنة أربع عشرة ومائتين. وقيل سنة خمس عشرة ومائتين، وله ثلاث وتسعون سنة، بالبصرة.
وكان أبو زيد من أهل العدل والتشيّع، وكان ثقة، وكان عالما بالنحو، ولم يكن مثل سيبويه والخليل. وكان يونس أعلم منه بالنحو، وكان مثله فى اللغات. وكان أبو زيد أعلم من الأصمعى وأبى عبيدة بالنحو. وكان يقال [له]:
أبو زيد النحوىّ. وله كتاب فى تخفيف الهمز على مذهب النحويين. وفى كتبه المصنفة فى اللغة وشواهد النحو عن العرب ما ليس لغيره.