ولما مات المنصور لم يحضر صاعد مجلس أنس بعده. وقد كان أولاده تولوا الأمر، فاعتذر عن الحضور بألم ادّعاه فى ساقه، وكان يمشى على عصا، والتزم ذلك. ومن شعره «١» فى هذا المعنى:
وبعت ملوك أهل الشرق طرّا ... بواحدها وسيّدها اللّباب «٣»
ومنها:
إلى الله الشّكيّة من شكاة ... رمت ساقى «٤» وجلّ بها مصابى
وأقصتنى عن الملك المرجّى ... وكنت أرمّ «٥» حالى باقتراب
حسبت المنعمين على البرايا ... فألفيت اسمه صدر الحساب
وما قدّمته إلا كأنى ... أقدّم تاليا أمّ الكتاب
ومما وجدته أن المنصور سأله يوما: هل رأيت فيما وقع لك من الكتب كتاب «القوالب والزوابل» لمبرمان بن يزيد؟ فقال: نعم رأيته ببغداذ فى نسخة لأبى بكر بن دريد، بخط كأكرع النمل، فى جوانبها علامات للوضاع هكذا وهكذا.
فقال له: أما تستحى أبا العلاء من هذا الكذب! هذا كتاب عاملنا ببلد كذا يذكر فيه أن الأرض قد قلبت وزبلت. فأخذت من قوله ما سألتك عنه. فأخذ يحلف أن القول صادق حقيقة.